عَدُوٌّ لِلَّهِ) بموته على الكفر (تَبَرَّأَ مِنْهُ) وترك الاستغفار (إِنَّ إِبْراهِيمَ لَأَوَّاهٌ) كثير التضرع والدعاء (حَلِيمٌ) (١١٤) صبور على الأذى (وَما كانَ اللهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَداهُمْ) للإسلام (حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ ما يَتَّقُونَ) من العمل فلا يتقوه فيستحقوا الإضلال (إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (١١٥) ومنه مستحق الإضلال والهداية (إِنَّ اللهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَما لَكُمْ) أيها الناس (مِنْ دُونِ اللهِ) أي غيره (مِنْ وَلِيٍ) يحفظكم منه (وَلا نَصِيرٍ) (١١٦) يمنعكم عن ضرره (لَقَدْ تابَ اللهُ) أي أدام توبته (عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي ساعَةِ الْعُسْرَةِ) أي وقتها وهي حالهم في غزوة تبوك كان الرجلان يقتسمان تمرة والعشرة يعتقبون البعير الواحد واشتد
____________________________________
(وَعَدَها إِيَّاهُ) أي إن ابراهيم وعد أباه بالاستغفار ، قيل تبين أنه لا ينفع فيه الاستغفار ، لإصراره على الكفر. قوله : (أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ) أي أنه مصر ومستمر على الكفر والعداوة ، لأن الذي تبين بالموت ، إنما هو إصراره على الكفر ، وإلا فأصله كان حاصلا ومتبينا من قبل.
قوله : (إِنَّ إِبْراهِيمَ) هذا بيان للحامل له على الاستغفار قبل التبين. قوله : (لَأَوَّاهٌ) من التأوه وهو التوجع والإكثار من قول آه ، واختلف في معناه ، فقيل هو الخاشع المتضرع ، وقيل كثير الدعاء. وقيل المؤمن التواب ، وقيل الرحيم بعباد الله ، وقيل الموقن ، وقيل المسبح ، وقيل المعلم للخير وقيل الراجع عما يكره الله ، الخائف من النار. قوله : (حَلِيمٌ) معناه صفوح عن المسيء له ، مقابل له بالعطف والرفق ، وذلك كما فعل ابراهيم مع أبيه حين قال له : (لئن لم تنته لأرجمنك) إلخ. فأجابه إبراهيم بقوله : (سلام عليك سأستغفر لك ربي) وكعدم دعائه على النمرود حيث ألقاه في النار.
قوله : (وَما كانَ اللهُ لِيُضِلَّ قَوْماً) سبب نزولها ، أن بعض الصحابة كانوا يستغفرون لآبائهم الكفار ، وماتوا قبل نزول آية النهي ، فظن بعض الصحابة أن الله يؤاخذهم ، فبين الله أنه لا يؤاخذ أحدا بذنب ، إلا بعد أن يبين حكمه فيه. قوله : (بَعْدَ إِذْ هَداهُمْ) أي بعد وقت هدايتهم وتوفيقهم للإيمان. قوله : (ومنه) أي من الشيء. قوله : (إِنَّ اللهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أي ففوضوا أمركم إليه ، لأنه الموجد لكل شيء الذي منه العون والنصر.
قوله : (لَقَدْ تابَ اللهُ) اللام موطئة لقسم محذوف. قوله : (أدام توبته) جواب عما يقال : إن النبي معصوم من الذنوب ، والمهاجرون والأنصار لم يفعلوا ذنبا ، بل سافروا معه واتبعوه من غير امتناع. وأجيب أيضا : بأن معنى توبته على النبي ، عدم مؤاخذته في إذنه للمتخلفين ، حتى يظهر المؤمن من المنافق ، ومعنى توبته على المهاجرين والأنصار ، من أجل ما وقع في قلوبهم من الخواطر والوساوس في تلك الغزوة ، فإنها كانت في شدة الحر والعسر ، وقيل إن ذكر النبي تشريف لهم وإنما المقصود ذكر قبول توبتهم ، لأنه لم يقع منه صلىاللهعليهوسلم ذنب أصلا حتى يحتاج للتوبة منه.
قوله : (الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ) أي وكانوا سبعين الفا ، ما بين راكب وماش ، من المهاجرين والأنصار وغيرهم من سائر القبائل. قوله : (أي وقتها) أشار بذلك إلى أن المراد بالساعة الزمانية لا الفلكية والعسر الشدة والضيق ، وكانت غزوة تبوك تسمى غزوة العسرة ، وجيشها يسمى جيش العسرة ، لأنه كان عليهم