الكافر فتسقط قبل أن يصل إليه سيفه ورماهم صلىاللهعليهوسلم بقبضة من الحصى فلم يبق مشرك إلا دخل في عينيه منها شيء فهزموا (ذلِكَ) العذاب الواقع بهم (بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا) خالفوا (اللهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشاقِقِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) (١٣) له (ذلِكُمْ) العذاب (فَذُوقُوهُ) أيها الكفار في الدنيا (وَأَنَّ لِلْكافِرِينَ) في الآخرة (عَذابَ النَّارِ) (١٤) (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً) أي مجتمعين كأنهم لكثرتهم يزحفون (فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ) (١٥) منهزمين (وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ) أي يوم لقائهم (دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفاً) منعطفا (لِقِتالٍ) بأن يريهم الفرة مكيدة وهو يريد الكرة (أَوْ مُتَحَيِّزاً) منضما (إِلى فِئَةٍ) جماعة من المسلمين يستنجد بها (فَقَدْ باءَ) رجع (بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ وَمَأْواهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) (١٦) المرجع هي وهذا مخصوص بما إذا لم يزد الكفار على
____________________________________
في المصباح : البنان الأصابع ، وقيل أطرافها ، والواحدة بنانة. قوله : (إلا دخل في عينيه) أي وفي فمه وأنفه.
قوله : (ذلِكَ) (العذاب) أي من إلقاء الرعب والقتل والأسر ، وقوله : (بِأَنَّهُمْ) الباء سببية. قوله : (خالفوا) (اللهَ وَرَسُولَهُ) أصل معناها المجانبة ، لأنهم صاروا في شق ، وجانب عن النبي والمؤمنين. قوله : (فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) أي وما نزل بهم في هذا اليوم قليل ، بالنسبة لما ادخر لهم عند الله. قوله : (ذلِكُمْ) (العذاب) اسم إشارة مبتدأ خبره محذوف قدره المفسر ، وقوله : (فَذُوقُوهُ) لا تعلق له بما قبله من جهة الإعراب. قوله : (وَأَنَّ لِلْكافِرِينَ) عطف على ذلكم ، أو نصب على المفعول معه.
قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمُ) خطاب لكل من يحضر القتال. قوله : (زَحْفاً) حال من المفعول به وهو (الَّذِينَ) فهو مؤول بالمشتق ، أي حال كونهم زاحفين. قوله : (أي مجتمعين) إلخ ، أي فالمعنى على التشبيه بالزاحفين على أدبارهم في بطء السير ، وذلك لأن الجيش إذا كثر والتحم بعضه ببعض ، يتراءى أن سيره بطيء ، وإن كان في نفس الأمر سريعا ، وفي المصباح زحف القوم زحفا من باب نفع. قوله : (فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ) ويطلق الدبر على مقابل القبل ، ويطلق على الظهر وهو المراد هنا ، والمقصود ملزوم تولية الظهر وهو الانهزام ، فهذا اللفظ استعمل في ملزوم معناه كما أشار المفسر بقوله : (منهزمين) و (الْأَدْبارَ) مفعول ثان لتولوهم. وكذا (دُبُرَهُ) مفعول ثان ليولوهم ، وفي الآية تعريض ، حيث ذكر لهم حالة تستهجن من فاعلها في تعبيره بلفظ الدبر دون الظهر. قوله : (أي يوم لقائهم) حل معنى ، وإلا فمقتضى التنوين في إذ ، أن يقول : يوم لقيتموهم ، لأنه عوض عن جملة.
قوله : (إِلَّا مُتَحَرِّفاً) في نصبه مع ما عطف عليه وجهان : أحدهما أنه حال ، والثاني أنه مستثنى من ضمير المؤمنين. قوله : (الفرة) بفتح الفاء ، وهي المرة من الفر ، بمعنى الفرار ، أي الهرب ، وقوله : (مكيدة) أي خديعة ومكرا ، قوله : (وهو يريد الكرة) أي الرجعة ، لأن الكرة المرة من الرجوع ، والكر الرجوع ، وهذا أحد أبواب الحرب ومكايدها. قوله : (أَوْ مُتَحَيِّزاً) التحيز والتحوز الانضمام ، وأصل تحيز : تحيوز ، اجتمعت الواو والياء ، وسبقت إحداهما بالسكون ، قلبت الواو ياء ، وادغمت الياء في الياء قوله : (يستنجد) أي يستنصر ويستعين.
قوله : (فَقَدْ باءَ بِغَضَبٍ) جواب الشرط وهو من ، والباء للملابسة ، أي ملتبسا ومصحوبا بغضب. قوله : (وَمَأْواهُ) أي مسكنه ، وفي الآية وعيد عظيم ، ولذلك قيل : إن الفرار أكبر الكبائر بعد