للمفعول وللفاعل (إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ) بارفع والنصب بأن يهلكهم ولكن يمهلهم (فَنَذَرُ) نترك (الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ) (١١) يترددون متحيرين (وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ) الكافر (الضُّرُّ) المرض والفقر (دَعانا لِجَنْبِهِ) أي مضطجعا (أَوْ قاعِداً أَوْ قائِماً) أي في كل حال (فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ) على كفره (كَأَنْ) مخففة واسمها محذوف أي كأنه (لَمْ يَدْعُنا إِلى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذلِكَ) كما زين له الدعاء عند الضر والإعراض عند الرخاء (زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ) المشركين (ما كانُوا يَعْمَلُونَ) (١٢) (وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ) الأمم (مِنْ قَبْلِكُمْ) يا أهل مكة (لَمَّا ظَلَمُوا) بالشرك (وَ) قد (جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ) الدالات على صدقهم (وَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا) عطف
____________________________________
مقامه ثم حذف المضاف ، وأقيم المضاف إليه مقامه. قوله : (لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ) أي لهلكوا جميعا ، والمعنى أن الناس عند الغضب والضجر ، قد يدعون على أنفسهم وأهليهم وأولادهم بالموت ، وتعجيل البلاء كما يدعونه بالرزق والرحمة ، فلو أجابهم الله إذا دعوه بالشر الذي يستعجلونه به مثل ما يجيبهم إذا دعوه بالخير ، لأهلكهم ، ولكنه من فضله وكرمه يستجيب للداعي بالخير ، ولا يستجيب للداعي بالخير ، ولا يستجيب له بالشر ، فالعبرة بعموم اللفظ ، لا بخصوص السبب ، قوله : (بالبناء للمفعول وللفاعل) أي فهما قراءتان سبعيتان. قوله : (بالرفع والنصب) لف ونشر مرتب ، فالرفع نائب فاعل ، والنصب مفعول به. قوله : (بأن يهلكهم) أي قبل قوتهم. قوله : (ولكن يمهلهم) أي فضلا منه وكرما إلى أن يأتي أجلهم ، فإذا جاء لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون ، فالمؤمن يلقى النعيم الدائم ، والكافر يلقى العذاب الدائم.
قوله : (الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا) أي الذين لا يخافون عقابنا ، ولا يؤمنون بالبعث بعد الموت. قوله : (فِي طُغْيانِهِمْ) أي الذي هو انكار البعث والمقالات الشنيعة. قوله : (يَعْمَهُونَ) حال على فاعل (يَرْجُونَ). قوله : (يترددون متحيرين) أي في الفرار من العذاب ، فلا يجدون لهم مفرا. قوله : (وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ الضُّرُّ) وجه مناسبة هذه الآية لما قبلها ، أنه لما وبخهم على الدعاء بالشر لأنفسهم ، بين هنا غاية عجزهم وضعفهم ، وأنهم لا يقدرون على إيجاد شيء ولا إعدامه. قوله : (الكافر) مثله ناقص الإيمان ، المنهمك في المعاصي. قوله : (لِجَنْبِهِ) حال من فاعل (دَعانا) ، واللام بمعنى على. قوله : (أَوْ قاعِداً أَوْ قائِماً) يحتمل أن أو على بابها ، لأن المضار ، إما ثقيلة تمنعه القيام والقعود ، أو خفيفة لا تمنع ذلك ، أو متوسطة تمنعه القيام دون القعود. ويحتمل أن أو بمعنى الواو ، فهو إشارة لتوزيع الأحوال ، وإلى هذا أشار المفسر بقوله : أي في جميع الأحوال. قوله : (مَرَّ) (على كفره) أي استمر عليه. قوله : (كَأَنْ لَمْ يَدْعُنا) الجملة في محل نصب حال من فاعل (مَرَّ) والمعنى استمر هو على كفره ، مشبها بمن لم يدعنا أصلا أي رجع إلى حالته الأولى ، وترك الالتجاء إلى ربه. قوله : (لِلْمُسْرِفِينَ) أي المتجاوزين الحد. قوله : (ما كانُوا يَعْمَلُونَ) أي عملهم فالواجب على الإنسان ، دوام الدعاء والتضرع والالتجاء لجانب الله في كل حال ، سيما في حال الصحة والغنى ، لأنه يشدد عليه فيهما ، ما لا يشدد عليه في غيرهما.
قوله : (وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ) أي كقوم نوح وعاد وثمود وغيرهم. قوله : (لَمَّا ظَلَمُوا) أي حين ظلمهم. قوله : (وَجاءَتْهُمْ) قدره المفسر إشارة إلى أن الجملة حالية من فاعل (ظَلَمُوا). قوله : (عطف على ظلموا) أي كأنه قيل : حين ظلموا ، وحين لم يكونوا مؤمنين. والمعنى أن