بعض (وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ) بتأخير الجزاء إلى يوم القيامة (لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ) أي الناس في الدنيا (فِيما فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) (١٩) من الدين بتعذيب الكافرين (وَيَقُولُونَ) أي أهل مكة (لَوْ لا) هلا (أُنْزِلَ عَلَيْهِ) على محمد صلىاللهعليهوسلم (آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ) كما كان للأنبياء من الناقة والعصا واليد (فَقُلْ) لهم (إِنَّمَا الْغَيْبُ) ما غاب عن العباد أي أمره (لِلَّهِ) ومنه الآيات فلا يأتي بها إلا هو وإنما على التبليغ (فَانْتَظِرُوا) العذاب إن لم تؤمنوا (إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ) (٢٠) (وَإِذا أَذَقْنَا النَّاسَ) أي كفار مكة (رَحْمَةً) مطرا وخصبا (مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ) بؤس وجدب (مَسَّتْهُمْ إِذا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آياتِنا) بالاستهزاء والتكذيب (قُلِ) لهم (اللهُ أَسْرَعُ مَكْراً) مجازاة (إِنَّ رُسُلَنا) الحفظة (يَكْتُبُونَ ما تَمْكُرُونَ) (٢١) بالتاء والياء (هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ) وفي قراءة ينشركم (فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذا كُنْتُمْ
____________________________________
قوله : (وَلَوْ لا كَلِمَةٌ) المراد بها حكمه الأزلي ، بتأخير العذاب عنهم إلى يوم القيامة. قوله : (فِيما فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) أي في الدين الذي يختلفون بسببه. قوله : (بتعذب الكافرين) متعلق بقضى. قوله : (هلا) أشار بذلك إلى أن (لَوْ لا) تحضيضية. قوله : (آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ) أي معجزة كما كان للأنبياء ، قال تعالى حكاية عنهم (وَقالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً) الآية. قوله : (إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ) أي مختص به لا يقدر على الإتيان بشيء منه إلا الله ، وإنما لم يجابوا بعين مطلوبهم ، لعلمه بقاء هذه الأمة وهذا الدين إلى يوم القيامة ، وقد جرت عادته سبحانه وتعالى ، أن القوم الذين يطلبون الآيات ، إذا جاءت ولم يؤمنوا بها ، يعجل لهم الهلاك ، فعدم إجابتهم على طبق ما طلبوا رحمة بهم. قوله : (إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ) أي لما يفعله بكم.
قوله : (وَإِذا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً) هذا جواب آخر عن قول أهل مكة (لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ) ، ذلك أنه لما اشتد من أهل مكة العناد وعدم الإذعان ، ابتلاهم الله بالقحط سبع سنين ، ثم رحمهم بعد ذلك بإنزال المطر والخصب ، فجعلوا ذلك هزوا وسخرية ، واضافوا المنافع إلى الأصنام. وقالوا : لو كان القحط بسبب ذنوبنا كما يقول محمد ، ما حصل لنا بعد ذلك الخصب لأنا لم نتب ، فإذا كان كذلك فعلى تقدير أن يعطوا ما سألوا من إنزال ما طلبوه لا يؤمنون. قوله : (بالاستهزاء) إلخ ، تفسير للمكر. قوله : (أَسْرَعُ مَكْراً) أي أعجل عقوبة من سرعة مكرهم ، وتسمية عقوبة الله مكرا مشاكلة. قوله : (إِنَّ رُسُلَنا) تعليل لأسرعية مكره ، وتنبيه على أن ما دبروه غير خاف على الحفظة ، فضلا عن العليم الخبير. قوله : (بالتاء والياء) أي لكن الأولى سبعية والثانية عشرية.
قوله : (هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ) الجملة المعرفة الطرفين تفيد الحصر ، أي لا مسير لكم في البر والبحر إلا هو ، وهذا من جملة أدلة توحيده. قوله : (وفي قراءة) أي وهي سبعية ايضا من النشر ، وهو البث والتفريق ، المعنى يفرقكم ويبثكم في البر والبحر. والرسم متقارب ، لكن طولت السنة الثانية وهي النون في القراءة الثانية ، وطولت السنة التي قبل الراء وهي الياء على القراءة الأولى. قوله : (فِي الْبَرِّ) أي مشاة وركبانا. قوله : (حَتَّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ) غاية للسير في البحر ، والفلك يستعمل مفردا وجمعا ، فحركته في المفرد كحركة قفل ، وحركته في الجمع كحركة بدن ، وهنا مستعمل في الجمع بدليل وجرين ، وفي آية في