دين الإسلام (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا) بالإيمان (الْحُسْنى) الجنة (وَزِيادَةٌ) هي النظر إليه تعالى كما في حديث مسلم (وَلا يَرْهَقُ) يغشى (وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ) سواد (وَلا ذِلَّةٌ) كآبة (أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) (٢٦) (وَالَّذِينَ) عطف على للذين أحسنوا أي وللذين (كَسَبُوا السَّيِّئاتِ) عملوا الشرك (جَزاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِها وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ما لَهُمْ مِنَ اللهِ مِنْ) زائدة (عاصِمٍ)
____________________________________
قوله : (إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) أي طريق قويم لا اعوجاج فيه ، وحذف مقابل (وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ) إلخ. تقديره ويضل من يشاء عنه ، فالضلال والهدى بيد الله ، يعطي أيهما شاء لمن شاء. قوله : (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا) خبر مقدم ، و (الْحُسْنى) مبتدأ مؤخر. قوله : (بالإيمان) أي ولو صحبه ذنوب ، فعصاة المؤمنين لهم الحسنى وزيادة ، وإن كانت مراتب أهل الجنة متفاوتة ، فليس المنهمكون في طاعة الله كغيرهم. قوله : (هي النظر إليه تعالى) هذا قول جمهور الصحابة والتابعين ، وقيل المراد بالزيادة رضوان الله الأكبر ، وقيل مضاعفة الحسنات ، وقيل الزيادة غرفة من لؤلؤة واحدة لها أربعة أبواب ، ولكن القول الأول هو الذي عليه المعول ، لأن النظر إليه تعالى يستلزم جميع ذلك ، ويدل له على ما ورد «إذ دخل أهل الجنة الجنة ، يقول الله تعالى : تريدون شيئا أزيدكم ، فيقولون : ألم تبيض وجوهنا؟ ألم تدخلنا الجنة وتنجنا من النار؟ قال : فيكشف الحجاب ، فما يعطون شيئا أحب إليهم من النظر إلى ربهم تبارك وتعالى» زاد في رواية : ثم تلا (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ). واعلم أن الناس جميعا في الجنة ، ينظرون إليه سبحانه وتعالى ، في مثل يوم الجمعة من الأسبوع ، وفي مثل يوم العيد من السنة ، وهذه هي الرؤية العامة لجميع أهل الجنة ، وللخواص مراتب متفاوتة ، فمنهم من يراه في كل صباح ومساء ، ومنهم من يراه في مثل أوقات الصلوات الخمسة ، ومنهم من لا يحجب عن الرؤية أبدا لما قيل : إن لله رجالا لو حجبوا عن الرؤية طرفة عين ، لتمنوا الخروج من الجنة.
قوله : (وَلا يَرْهَقُ) الجملة مستأنفة. قوله : (سواد) أي وغبار ، فأهل الجنة بيض الوجوه في غاية من البسط والجمال ، فلا يعتريهم نكد ولا كدر ، قال تعالى : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ ضاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ). قوله : (أُولئِكَ) أي المحدث عنهم أن لهم الحسنى وزيادة. قوله : (هُمْ فِيها خالِدُونَ) أي لا يخرجون منها أبدا. قوله : (وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئاتِ) شروع في ذكر صفات أهل النار ، إثر ذكر صفات أهل الجنة. قوله : (عطف على الذين أحسنوا) أي ويكون فيه العطف على معمولي عاملين مختلفين ، لأن (الَّذِينَ) معطوف على (الَّذِينَ) الأول ، والعامل فيه الابتداء الذي هو الحسنى ، وقوله : (جَزاءُ سَيِّئَةٍ) معطوف على (الْحُسْنى) والعامل فيه الابتداء ، وهذا الوجه فيه خلاف بين النحويين ، ولذا حاول بعضهم إعراب الآية ، حتى ذكر فيه سبعة أوجه ، أحسنها إن قوله : (الَّذِينَ) مبتدأ أول ، و (جَزاءُ سَيِّئَةٍ) مبتدأ ثان ، و (بِمِثْلِها) خبر الثاني ، والثاني وخبره خبر الأول ، والباء زائدة ، ويدل لزيادتها قوله تعالى : (وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ). قوله : (بِمِثْلِها) أشار بذلك إلى الفرق بين الحسنات والسيئات فالحسنات مضاعفة بفضل الله والسيئات جزاؤها مثلها ، عدلا منه سبحانه وتعالى ، قال صاحب الجوهرة : فالسيئات عنده بالمثل ، والحسنات ضوعفت بالفضل.
قوله : (وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ) أي يغشاهم الذل والكآبة. قوله : (ما لَهُمْ مِنَ اللهِ) أي من عذابه