مانع (كَأَنَّما أُغْشِيَتْ) ألبست (وُجُوهُهُمْ قِطَعاً) بفتح الطاء جمع قطعة وإسكانها أي جزءا (مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِماً أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) (٢٧) (وَ) اذكر (يَوْمَ نَحْشُرُهُمْ) أي الخلق (جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكانَكُمْ) نصب بالزموا مقدرا (أَنْتُمْ) تأكيد للضمير المستتر في الفعل المقدر ليعطف عليه (وَشُرَكاؤُكُمْ) أي الأصنام (فَزَيَّلْنا) ميزنا (بَيْنَهُمْ) وبين المؤمنين كما في آية (وَامْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ قالَ) لهم (شُرَكاؤُهُمْ ما كُنْتُمْ إِيَّانا تَعْبُدُونَ) (٢٨) ما نافية وقدم المفعول للفاصلة (فَكَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ إِنْ) مخففة أي إنا (كُنَّا عَنْ عِبادَتِكُمْ لَغافِلِينَ) (٢٩) (هُنالِكَ) أي ذلك اليوم (تَبْلُوا) من البلوى وفي قراءة بتاءين من التلاوة
____________________________________
وسخطه. قوله : (كَأَنَّما أُغْشِيَتْ) أي غطيت. قوله : (وإسكانها) أي فهما قراءتان سبعيتان ، والمعنى على الأولى ، كأن أجزاء الليل غطتهم ولبستهم ، وعلى الثانية : كأن جزءا من الليل غشيتهم وغطى وجوههم ، وهذه الآية الأخرى ، وهي قوله تعالى : (وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْها غَبَرَةٌ تَرْهَقُها قَتَرَةٌ أُولئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ) وما مشى عليه المفسر من أن القطع بالسكون الجزء هو أحد أقوال في تفسيره ، وقيل هو سواد الليل ، وقيل هو ظلمة آخر الليل. قوله : (مُظْلِماً) حال من الليل. قوله : (أُولئِكَ) أي الموصوفون بما ذكر. قوله : (أَصْحابُ النَّارِ) أي المستحقون لها. قوله : (هُمْ فِيها خالِدُونَ) أي ماكثون على سبيل الخلود والتأبيد.
قوله : (وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ) شروع في ذكر محاجة أهل الشرك مع معبوداتهم ، إثر بيان أصحاب النار ، و (يَوْمَ) ظرف معمول لمحذوف قدره المفسر بقوله : (اذكر). قوله : (نصب بالزموا) أي على أنه مفعول به ، والمعنى الزموا هذا المكان ولا تبرحوا عنه ، أو ظرف يجعل الزموا بعنى قفوا. قوله : (تأكيد للضمير المستتر) أي الذي هو الواو ، وتسميته مستترا فيه مسامحة ، إذا الواو من الضمائر البارزة ، وقد يجاب بأن المراد بالاستتار عدم الذكر بالفعل. قوله : (المقدر) أي الذي هو الزموا ، والإخبار بهذا الأمر للتهديد يصدر من الله على لسان ملك لا مباشرة. لقوله تعالى : (وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ).
قوله : (فَزَيَّلْنا) من التزييل وهو التفريق والتمييز ، يقال زيّل ضأنك من معزك أي فرق بينها وميز هذا من هذا ، ووزنه فعل بالتضعيف ، فهو من باب ذوات الياء ، أو فعيل وأصله زيول ، اجتمعت الواو والياء ، وسبقت إحداهما بالسكون ، قلبت الواو ياء ، وادغمت في الياء فهو من باب ذوات الواو. قوله : (بَيْنَهُمْ) (وبين المؤمنين) هكذا فهم المفسر ، وهو بعيد من سابق الكلام ولا حقه ، وقيل ميزنا بينهم وبين معبوداتهم وقطعنا ما كان بينهم من التواصل في الدنيا وهو الأقرب ، لأن الكلام فيه.
قوله : (وَقالَ شُرَكاؤُهُمْ) إنما أضيفت الشركاء لهم ، لأنهم اتخذوها شركاء لله في العبادة. قوله : (ما كُنْتُمْ إِيَّانا تَعْبُدُونَ) قال مجاهد : تكون في القيامة ساعة فيها شدة ، تنصب لهم الآلهة التي كانوا يعبدونها من دون الله ، فتقول الآلهة : والله ما كنا نسمع ولا نبصر ولا نعقل ، ولا نعلم أنكم كنتم تعبدوننا ، فيقولون : والله إياكم كنا نعبد ، فتقول الآلهة لهم : (فَكَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ إِنْ كُنَّا عَنْ عِبادَتِكُمْ لَغافِلِينَ). قوله : (للفاصلة) أي تناسب رؤوس الآي. قوله : (لَغافِلِينَ) أي لا علم لنا بذلك. قوله : (هُنالِكَ) إشارة للمكان البعيد ، وهو الموقف الذي يدهش العقول. قوله : (تَبْلُوا) أي تختبر وتعلم. قوله : (وفي قراءة) أي وهي سبعية أيضا من التلاوة ، أي تقرأ ما أسلفته وقدمته ، فتجده