إِلَيْكُمُ﴾ وأبغض لديكم ﴿الْكُفْرَ﴾ والشّرك ﴿وَالْفُسُوقَ﴾ والكذب على ما روي عن الباقر عليهالسلام (١)﴿وَالْعِصْيانَ﴾ ومخالفة أحكام الله كافّة.
عن الصادق عليهالسلام أنّه سئل عن الحبّ والبغض أهو من الايمان ؟ قال : « وهل الإيمان إلّا الحبّ والبغض » ثمّ تلا هذه الآية (٢) .
ثمّ مدح سبحانه المحبّين للايمان ، المبغضين للكفر والعصيان بقوله : ﴿أُولئِكَ﴾ الموصوفون بتلك الصفتين الجليلتين ﴿هُمُ الرَّاشِدُونَ﴾ والمهتدون إلى الطريق الموصل إلى قرب الله وجنّته التي وعد المتّقون ، وإنّما ذلكم الحبّ والبغض يكون ﴿فَضْلاً﴾ وإحسانا ﴿مِنَ اللهِ وَنِعْمَةً﴾ عظيمة منه تعالى ﴿وَاللهُ عَلِيمٌ﴾ بقابليات الأشخاص و﴿حَكِيمٌ﴾ في أفعاله ، لا يعطي أحدا إلّا بالاستحقاق.
عن الصادق عليهالسلام في تأويل الآية : ﴿حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ﴾ يعني أمير المؤمنين عليهالسلام ﴿وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيانَ﴾ يعني الأول والثاني والثالث » (٣) .
أقول : تحقيقه أنّ حبّ الايمان عين حبّ أمير المؤمنين عليهالسلام ، لكونه عليهالسلام مجسّمة الايمان ، وبغض أعمال الثلاثة عين بغض الثلاثة الذين هم مجسّمتها.
﴿وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى
الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ فَإِنْ فاءَتْ فَأَصْلِحُوا
بَيْنَهُما بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (٩)﴾
ثمّ لمّا بيّن سبحانه عدم جواز الاعتماد على خبر الفاسق المورث لإثارة الفتنة بين المسلمين ووقوع القتال فيهم ، بيّن حكم القتال الواقع بينهم ، ورغّب في الإصلاح بقوله : ﴿وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ وجمعان منهم ﴿اقْتَتَلُوا﴾ وتنازعوا في أمر من الأمور الدينية أو الدنيوية ، والجمع باعتبار الأفراد ، فانّهم يقتتلون ﴿فَأَصْلِحُوا﴾ بالوعظ والنّصح والتهديد وبذل المال وغيرها ﴿بَيْنَهُما﴾ حفظا لنفوسهما ، وردعا لهم عن المنكر.
بيان فضيلة الاصلاح بين المؤمنين
عن النبي صلىاللهعليهوآله : « ألا أخبركم بأفضل من الصيام والصلاة والصدقة ؟ » قالوا : بلى يا رسول الله. قال : « إصلاح ذات البين » (٤) .
﴿فَإِنْ بَغَتْ﴾ وتعدّت ﴿إِحْداهُما عَلَى﴾ الطائفة ﴿الْأُخْرى﴾ ولم ترتدع بالوعظ
__________________
(١) مجمع البيان ٩ : ٢٠٠ ، تفسير الصافي ٥ : ٤٩.
(٢) الكافي ٢ : ١٠٢ / ٥ ، تفسير الصافي ٥ : ٥٠.
(٣) تفسير القمي ٢ : ٣١٩ ، الكافي ١ : ٣٥٢ / ٧١ ، تفسير الصافي ٥ : ٥٠.
(٤) تفسير روح البيان ٩ : ٧٣.