﴿وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٦٢) و (٦٣)﴾
ثمّ إنّه تعالى بعد بيان جزاء الخائفين المقرّبين بأنّ لهم جنتين موصوفتين بأعلى مراتب الحسن ، بيّن جزاء من دونهم في القرب بقوله : ﴿وَمِنْ دُونِهِما﴾ وأنزل منهما شرفا وحسنا ﴿جَنَّتانِ﴾ اخريان لمن دون الخائفين رتبة ومنزلة عند الله.
قال بعض المفسرين : من دون الجنتين الأوليين جنتان اخريان من فضّة آنيتهما وما فيهما ، وجنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما (١) .
وروى ( المجمع ) عن النبي صلىاللهعليهوآله ما يقرب منه (٢) .
وعن الصادق عليهالسلام : « لا تقولنّ الجنّة واحدة ، إنّ الله تعالى يقول : ﴿وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ﴾ ولا تقولن واحدة ، إن الله يقول : ( درجات بعضها فوق بعض ) (٣) إنّما تفاضل القوم بالأعمال » (٤) .
وعنه عليهالسلام قيل له : الناس يتعجّبون منّا ، كنّا إذا قلنا يخرج قوم من النار فيدخلون الجنّة ، فيقولون لنا : فيكونون مع اولياء الله في الجنّة ؟ فقال عليهالسلام : « إنّ الله يقول : ﴿وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ﴾ لا والله ما يكونون مع اولياء الله » (٥) .
وقيل : إنّ الجنّتين الأدنيين (٦) لذرّيتهم الذين ألحقهم بهم ولأتباعهم ، وإنّما جعلهما الله لهم إنعاما على المؤمنين ، كأنّه يقول الله لهم : هاتان الأخريان لكم ، أسكنوا فيهما من تريدون (٧) .
وقيل : إنّ لكلّ من المؤمن والمؤمنة أربع جنات عن يمين ويسار ، وقدّام وخلف ، ليتضاعف له السرور بالانتقال من جنة إلى جنة ، فإنّه ابعد من الملل فيما طبع عليه من البشرية (٨) .
وعن القمي ، عن الصادق عليهالسلام ، أنّه سئل عن قوله تعالى : ﴿وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ﴾ قال : « خضراوان في الدنيا يأكل المؤمنون منهما حتى يفرغوا من الحساب » (٩) .
﴿فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما﴾ من الآلاء الاخروية والجنّات العديدة ﴿تُكَذِّبانِ﴾.
﴿مُدْهامَّتانِ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ * فِيهِما عَيْنانِ نَضَّاخَتانِ * فَبِأَيِّ آلاءِ
رَبِّكُما تُكَذِّبانِ * فِيهِما فاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما
__________________
(١) تفسير روح البيان ٩ : ٣١٠ ، وفي النسخة : أبنيتهما وما فيهما ، وجنتان أوليان من ذهب أبنيتها.
(٢) مجمع البيان ٩ : ٣١٨ ، تفسير الصافي ٥ : ١١٤.
(٣) في سورة الانعام : ٦ / ١٦٥ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ.
(٤و٥) مجمع البيان ٩ : ٣١٨ ، تفسير الصافي ٥ : ١١٥.
(٦) في النسخة : الأدونين.
(٧) تفسير الرازي ٢٩ : ١٣٣.
(٨) تفسير روح البيان ٩ : ٣١٠.
(٩) تفسير القمي ٢ : ٣٤٥ ، تفسير الصافي ٥ : ١١٥.