والمرجان ، لكلّ خيمة أربعة أبواب ، على كلّ باب سبعون ملكا ، حجّابا لهنّ ، وتأتيهنّ في كل يوم كرامة من الله عزّ ذكره ، يبشّر الله عزوجل بهن المؤمنين » (١) .
وعن ابن مسعود : لكلّ زوجة خيمة طولها ستون ميلا (٢) .
وقيل : إنّ الخيمة من خيامهنّ درّة مجوّفة عرضها ستون ميلا ، في كلّ زاوية منها أهلون لا يرون إلّا حين يطوف عليهنّ المؤمنون (٣) ﴿فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ﴾ مع أنّه خلق لكما من النساء المقصورات المحبوسات.
﴿لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ * مُتَّكِئِينَ عَلى
رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسانٍ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ * تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ
ذِي الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ (٧٤) و (٧٨)﴾
ثمّ بيّن سبحانه أنّ أزواج المؤمنين كأزواج المقرّبين في البكارة وعدم مسّ غير أزواجهنّ بقوله : ﴿لَمْ يَطْمِثْهُنَ﴾ ولم يمسّهنّ ، أو لم يفتضّهن غير أزواجهن ، لا ﴿إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا﴾ أحد ﴿جَانٌ﴾ بل كلّهن باكرات غير ملموسات ﴿فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ﴾ مع إنعامه عليكما بأعلى النّعم.
ثمّ بيّن سبحانه راحة المؤمنين في الجنّتين بقوله : ﴿مُتَّكِئِينَ﴾ ومعتمدين فيهما ﴿عَلى رَفْرَفٍ﴾ وفرش مرتفعة ، كما عن بعض (٤) ، أو مجالس (٥) ، كما عن ابن عباس ، أو مرافق (٦) ومساند ﴿خُضْرٍ﴾ لكونه أحسن الالوان ﴿وَعَبْقَرِيٍ﴾ وفرش ﴿حِسانٍ﴾ أو بسط موشّاة (٧) ، أو فيها صور ، وهي على كلّ تقدير في غاية الجودة ﴿فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ﴾ مع أنّه قد هيّأ لكم ما به نهاية الراحة والكرامة.
ثمّ لمّا ذكر سبحانه نعمه الدنيوية والاخروية التي كلّها من شؤون رحمانيته وفيّاضيته على جميع الموجودات ، وصف ذاته بعلوّ الشأن أو بكثرة الخير والبركة بقوله : ﴿تَبارَكَ﴾ وتعالى شأنا ، أو كثر خيرا ، أو دام ﴿اسْمُ رَبِّكَ﴾ وما يحكي عن ذاته كالرحمن الذي افتتحت به السورة المباركة ، فكيف بذاته المقدّسة ، فانّ عظمة الاسم دالة على عظمة المسمّى.
ثمّ إنّه تعالى بعد تعداد النّعم الدنيوية والتنبيه على فناء العالم أخبر ببقاء ذاته ، وعبّر عنها بالوجه ، والمراد به وجوده الواجب غير القابل للعدم والزوال ، وبعد تعداد نعمه الدائمة الاخروية أخبر بدوام اسمه المبارك في ألسنة الذاكرين في الجنّة ، أو كثرة خيراته وبركاته ، أو علّو شأنه اللازم لتوجّه الخلق
__________________
(١) الكافي ٨ : ١٥٦ / ١٤٧ ، تفسير الصافي ٥ : ١١٦.
(٢) مجمع البيان ٩ : ٣٢٠ ، تفسير روح البيان ٩ : ٣١٣.
(٣) تفسير روح البيان ٩ : ٣١٣.
(٤-٦) مجمع البيان ٩ : ٣٢٠.
(٧) في النسخة : موشّى.