والمنافقون يمنعون من الدخول ، ويبقون في العذاب والنار (١) .
﴿يُنادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قالُوا بَلى وَلكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ
وَغَرَّتْكُمُ الْأَمانِيُّ حَتَّى جاءَ أَمْرُ اللهِ وَغَرَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ * فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ
مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْواكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ وَبِئْسَ
الْمَصِيرُ (١٤) و (١٥)﴾
فلمّا رأى المنافقون أنّ المؤمنين يدخلون الجنّة ﴿يُنادُونَهُمْ﴾ ويقولون لهم : أيها المؤمنون ﴿أَلَمْ نَكُنْ﴾ في الدنيا ﴿مَعَكُمْ﴾ في العبادات والمساجد والصلوات والغزوات ؟ فأجابهم المؤمنون و﴿قالُوا بَلى﴾ كنتم معنا في إظهار الايمان ، والاشتغال بالعبادات ﴿وَلكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ﴾ وأضررتم ﴿أَنْفُسَكُمْ﴾ بالكفر وارتكاب المعاصي ، ﴿وَتَرَبَّصْتُمْ﴾ بالتوبة ، وأخّرتموها ، كما عن ابن عباس (٢) ، أو تربّصتم بمحمد صلىاللهعليهوآله الموت ، وقلتم : يوشك أن يموت محمد فنستريح منه (٣) . أو دائرة السوء ، فتلتحقوا بالكفار ، وتتخلّصوا من النفاق (٤)﴿وَارْتَبْتُمْ﴾ وشككتم في نبوة محمد صلىاللهعليهوآله وصحّة البعث والقيامة ، وصدق وعيد الله بالعذاب ﴿وَغَرَّتْكُمُ الْأَمانِيُ﴾ وشغلتكم أباطيل الدنيا وشهواتها ، وخدع الشيطان ﴿حَتَّى جاءَ﴾ كم ﴿أَمْرُ اللهِ﴾ وقضاؤه بموتكم ﴿وَغَرَّكُمْ﴾ وخدعكم ﴿بِاللهِ﴾ وأطمعكم في عفوه الشيطان ﴿الْغَرُورُ﴾ الخداع ﴿فَالْيَوْمَ﴾ الذي تكونون فيه أيّها المنافقون هو يوم القيامة ﴿لا يُؤْخَذُ﴾ ولا يقبل ﴿مِنْكُمْ فِدْيَةٌ﴾ ومال تدفعون به العذاب عن أنفسكم ﴿وَلا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ ظاهرا وباطنا بل ﴿مَأْواكُمُ﴾ ومرجعكم ﴿النَّارُ﴾ ومسكنكم جهنّم ﴿هِيَ مَوْلاكُمْ﴾ ومصيركم ، كما عن ابن عباس (٥) . أو أولى بالتصرّف فيكم ، والسّكونة لكم ﴿وَ﴾ هي ﴿بِئْسَ الْمَصِيرُ﴾ وساء المنقلب لكم.
﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ وَما نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا
كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلُ فَطالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ
فاسِقُونَ (١٦)﴾
__________________
(١) تفسير الرازي ٢٩ : ٢٢٦.
(٢) تفسير الرازي ٢٩ : ٢٢٦.
(٣) تفسير الرازي ٢٩ : ٢٢٦ ، مجمع البيان ٩ : ٣٥٥ ، تفسير روح البيان ٩ : ٣٦٢.
(٤) تفسير الرازي ٢٩ : ٢٢٦.
(٥) تفسير الرازي ٢٩ : ٢٢٧.