في تفسير سورة الممتحنة
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ
وَقَدْ كَفَرُوا بِما جاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللهِ
رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغاءَ مَرْضاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ
بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِما أَخْفَيْتُمْ وَما أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ
السَّبِيلِ (١)﴾
ثمّ لمّا ختمت سورة الحشر المتضمّنة لبيان خذلان الكفّار والمنافقين وذمّهم ، ونصرة المسلمين ، والمواعظ الشافية ، اردفت بسورة الممتحنة المتضمّنة لنهي المؤمنين عند موادّة الكفّار ، وبيان حكم أزواجهم إذا هاجرن إلى المسلمين ، وأخذ الرسول البيعة منهنّ على العمل بأحكام الاسلام ، وبيان المواعظ الشافية ، فابتدأها سبحانه بذكر الأسماء المباركات بقوله تبارك وتعالى : ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ﴾.
ثمّ شرع في نصح المؤمنين والنهي عن موادّة الكفار بقوله : ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ عن صميم القلب ﴿لا تَتَّخِذُوا﴾ ولا تختاروا لأنفسكم ﴿عَدُوِّي﴾ ومنكر توحيدي ورسالة رسولي ، الساعي في إطفاء نوري ﴿وَعَدُوَّكُمْ﴾ ومبغضكم لمخالفتكم لدينه ﴿أَوْلِياءَ﴾ وأحبّاء وأنصارا ﴿تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ﴾ وتظهرون له ﴿بِالْمَوَدَّةِ﴾ والمحبّة والنصيحة ، أو تلقون إليهم بأخبار النبي صلىاللهعليهوآله بسبب المودة التي بينكم وبينهم ﴿وَ﴾ الحال أنّهم ﴿قَدْ كَفَرُوا بِما جاءَكُمْ مِنَ﴾ قبل الله دين ﴿الْحَقِ﴾ أو القرآن بتوسّط رسولي ، والشاهد على معاداتهم إياكم أنهم ﴿يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ﴾ من أوطانكم لأجل ﴿أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللهِ رَبِّكُمْ﴾ مع أنّ العقل حاكم بوجوب الايمان به ، لوضوح ألوهيته وربوبيته ، والشاهد على موادّتكم إياهم أنّكم ﴿إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ﴾ من المدينة إليهم ﴿جِهاداً﴾ ولأجل القتال معهم ﴿فِي سَبِيلِي﴾ وترويج ديني ﴿وَابْتِغاءَ مَرْضاتِي﴾ ولأجل طلب رحمتي وجنّتي ﴿تُسِرُّونَ﴾ إلى الكفّار ،