وناكحوهم ، وتزوّج رسول الله صلىاللهعليهوآله أم حبيبة بنت أبي سفيان بن حرب » (١) .
﴿لا يَنْهاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ أَنْ
تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (٨)﴾
ثمّ أنّه تعالى بعد أمر المؤمنين بالانقطاع عن الكفّار وترك موالاتهم ، رخّص سبحانه في مواصلة الذين لم يظهروا العداوة ولم يضرّوهم بقوله تعالى : ﴿لا يَنْهاكُمُ اللهُ﴾ ولا يمنعكم أيّها المؤمنون ﴿عَنِ﴾ الكفّار ﴿الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ﴾ ولم يقدموا على حربكم لاطفاء نور الله ﴿وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ﴾ وأوطانكم من ﴿أَنْ تَبَرُّوهُمْ﴾ وتحسنوا إليهم بتطييب قلوبهم ، وحسن عشرتهم ، وبذل المال لهم ﴿وَتُقْسِطُوا﴾ وتؤدّوا حقوقهم ﴿إِلَيْهِمْ﴾ ولا تظلمواهم ﴿إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾ والعادلين في معاملاتهم.
قيل : إنّ المراد من هذا القسم من الكفار ، هم الذين عاهدوا الرسول صلىاللهعليهوآله على ترك القتال والمظاهرة في العداوة ، وهم خزاعة ، فانّهم عاهدوا رسول الله صلىاللهعليهوآله على أن لا يقاتلوه ولا يخرجوه ، فأمر الرسول صلىاللهعليهوآله بالوفاء إلى مدّتهم والبرّ بهم ، كما عن ابن عباس (٢) .
وعنه : أنّهم قوم من بني هاشم منهم العباس أخرجوهم يوم بدر كرها (٣) . وقيل : هم الذين آمنوا بمكة ولم يهاجروا (٤) . وقيل : إنّهم النّسوان والصبيان (٥) . وقيل : إنّ المسلمين استأمروا رسول الله صلىاللهعليهوآله في أقربائهم من المشركين (٦) .
وعن ابن الزبير : أنّ فتيلة أمّ أسماء بنت أبي بكر قدمت عليها وهي مشركة بهدايا ، فلم تقبلها ، ولم تأذن لها في الدخول ، فنزلت الآية ، فأمر النبي صلىاللهعليهوآله أن تدخلها وتقبل منها وتكرمها وتحسن إليها(٧).
﴿إِنَّما يَنْهاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ قاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ
وَظاهَرُوا عَلى إِخْراجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ *
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللهُ أَعْلَمُ
بِإِيمانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ
وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ ما أَنْفَقُوا وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذا
__________________
(١) تفسير القمي ٢ : ٣٦٢ ، تفسير الصافي ٥ : ١٦٣.
(٢) تفسير الرازي ٢٩ : ٣٠٣.
(٣-٦) تفسير الرازي ٢٩ : ٣٠٤.
(٧) تفسير الرازي ٢٩ : ٣٠٤.