﴿وَإِنْ فاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْواجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ
أَزْواجُهُمْ مِثْلَ ما أَنْفَقُوا وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ (١١)﴾
ثمّ لمّا حكم الله تعالى أن يسأل المسلمون من الكفار مهر المرأة المسلمة إذا ذهبت إليهم ، ويسأل الكفار من المسلمين مهر نسائهم إذا جاءت إليهم مسلمة ، أقرّ المسلمون بحكم الله ، وأبى المشركون العمل به ، بيّن سبحانه حكم ذلك بقوله تبارك وتعالى : ﴿وَإِنْ فاتَكُمْ﴾ وانفلت منكم أيّها المسلمون ﴿شَيْءٌ﴾ واحد ﴿مِنْ أَزْواجِكُمْ﴾ وذهبت ﴿إِلَى الْكُفَّارِ﴾ ولم يمكنكم إرجاعها.
قيل : إطلاق الشيء على أحد للتحقير (١) . وقيل : للإشباع في التعميم (٢) . وقيل : يعني شيء من مهور أزواجكم (٣) ونسائكم ﴿فَعاقَبْتُمْ﴾ وغنمتم من الكفّار كما عن ابن عباس (٤) أو جاءت نوبتكم من أداء المهر وتزوّجتم باخرى عقيبها ﴿فَآتُوا﴾ وأعطوا المسلمين ﴿الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْواجُهُمْ﴾ إلى الكفّار من الغنيمة ، أو من مهر المرأة المسلمة التي جاءت إلى المسلمين ﴿مِثْلَ ما أَنْفَقُوا﴾ على أزواجهم الفائتة من المهر ﴿وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ﴾ في العمل بأحكامه ولا تخالفوه ، فانّ الايمان مقتضي لذلك.
قيل : نزلت الآية في عمر بن الخطاب ، كانت عنده فاطمة بنت أبي امية ابن المغيرة ، فكرهت الهجرة ، وأقامت مع المشركين ، فنكحها معاوية بن أبي سفيان ، فأمر الله تعالى رسوله أن يعطي عمر مثل صداقها (٥) .
وقيل : لحق بالمشركين من نساء المؤمنين المهاجرين ستّ نسوة ، فأعطى رسول الله صلىاللهعليهوآله أزواجهم مهور نسائهم من الغنيمة (٦) .
وعنهما عليهماالسلام : سئلا ما معنى العقوبة هنا ؟ قال : « إنّ الذي ذهبت امرأته ، فعاقب على امرأة اخرى غيرها - يعني تزوّجها - فاذا هو تزوّج امرأة اخرى غيرها فعلى الامام أن يعطيه مهر امرأته الذاهبة».
فسئلا كيف صار المؤمنون يردّون على زوجها المهر بغير فعل منهم في ذهابها ، وعلى (٧) المؤمنين أن يردّوا على زوجها ما أنفق عليها ممّا يصيب المؤمنون ؟ قال : « يردّ الامام عليه ، أصابوا من الكفّار أو لم يصيبوا ، لأنّ على الامام أن يجبر (٨) حاجته من تحت يده ، وإن حضرت القسمة فله أن يسدّ كلّ نائبة تنوبه قبل القسمة ، وإن بقي بعد ذلك شيء قسمه بينهم ، وإن لم يبق شيء فلا شيء لهم » (٩) .
﴿يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ يُبايِعْنَكَ عَلى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللهِ شَيْئاً وَلا
__________________
(١-٣) تفسير أبي السعود ٨ : ٢٤٠ ، تفسير روح البيان ٩ : ٤٨٦.
(٤) تفسير الرازي ٢٩ : ٣٠٧.
(٥) تفسير الصافي ٥ : ١٦٥.
(٦) جوامع الجامع : ٤٩١.
(٧) في النسخة : قيل على.
(٨) في علل الشرائع : ينجز ، وفي تفسير الصافي : يحيز.
(٩) علل الشرائع : ٥١٧ / ٦ ، تفسير الصافي ٥ : ١٦٥.