يَسْرِقْنَ وَلا يَزْنِينَ وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ
وَأَرْجُلِهِنَّ وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ
رَحِيمٌ (١٢)﴾
ثمّ أنّه تعالى بعد بيان حكم هجرة النساء وتزويج المسلمين إيّاهن ، بيّن كيفية بيعتهنّ بقوله : ﴿يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا جاءَكَ﴾ النساء ﴿الْمُؤْمِناتُ﴾ بقصد أن ﴿يُبايِعْنَكَ﴾ ويعاهدنك ﴿عَلى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللهِ شَيْئاً﴾ من الأصنام والأوثان والكواكب والملائكة وغيرها ﴿وَلا يَسْرِقْنَ﴾ ولا يأخذن أموال أزواجهنّ (١) وغيرهم خفية بغير إذن مالكها ﴿وَلا يَزْنِينَ وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَ﴾ بشرب الدواء والحركات الموجبة لسقطهنّ وغير ذلك من الأسباب ، أو المراد قتلهنّ البنات ﴿وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتانٍ﴾ ونسبة الولد كذبا إلى أزواجهنّ حال كونهنّ ﴿يَفْتَرِينَهُ﴾ ببطونهنّ اللاتي ﴿بَيْنَ أَيْدِيهِنَ﴾ وفروجهنّ اللاتي بين أرجلهنّ.
قيل : كانت المرأة تلتقط المولود فتقول لزوجها : هذا ولدي منك ، فذلك البهتان المفترى بين أيديهنّ ﴿وَأَرْجُلِهِنَّ ،﴾ وذلك أنّ الولد إذا رضعته الامّ وضعته بين يديها ورجليها ، أو بطنها الذي تحمله فيه بين يديها ، ومخرجه بين رجليها (٢) .
عن ابن عباس : يعني لا تلحق بزوجها ولدا ليس منه (٣) .
﴿وَلا يَعْصِينَكَ فِي﴾ عمل ﴿مَعْرُوفٍ﴾ وحسن تكلّفهنّ به من فعل أو ترك.
حكى بعض أكابر مفسري العامة : أنّ المراد هو النهي عن النّياحة ، والدعاء بالويل ، وتمزيق الثوب ، ونتف الشعر ونشره ، وخمش الوجه (٤) .
وعن الصادق عليهالسلام : « هو ما فرض الله عليهنّ من الصلاة والزكاة ، وما أمرهنّ به من خير »(٥).
﴿فَبايِعْهُنَ﴾ على ما ذكر ﴿وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَ﴾ الله لطفا عليهنّ ﴿إِنَّ اللهَ غَفُورٌ﴾ لذنوب المؤمنين ﴿رَحِيمٌ﴾ بهم بإعطاء الثواب العظيم.
روى الفخر الرازي : أنّ النبي صلىاللهعليهوآله لمّا فرغ من بيعة الرجال يوم الفتح ، أخذ في بيعة النساء وهو على الصفا ، وعمر أسفل منه يبايع النساء بأمر النبي صلىاللهعليهوآله ، فجاءت هند بنت عتبة امراة أبي سفيان متقنعة متنكّرة خوفا من رسول الله صلىاللهعليهوآله أن يعرفها ، فقال صلىاللهعليهوآله : « ابايعكنّ على أن لا تشركن بالله شيئا » فرفعت
__________________
(١) في النسخة : زوجهنّ.
(٢) جوامع الجامع : ٤٩١ ، تفسير الرازي ٢٩ : ٣٠٨ ، تفسير روح البيان ٩ : ٤٨٩.
(٣) مجمع البيان ٩ : ٤١٤ ، تفسير الرازي ٢٩ : ٣٠٨.
(٤) تفسير روح البيان ٩ : ٤٨٩.
(٥) تفسير القمي ٢ : ٣٦٤ ، تفسير الصافي ٥ : ١٦٦.