وعنه عليهالسلام قال : « جمعهنّ حوله ، ثمّ دعا بتور برام (١) ، فصبّ فيه ماء نضوحا ، ثمّ غمس يده فيه ، ثمّ قال : اسمعن يا هؤلاء ، ابايعكنّ على أن لا تشركن بالله شيئا - إلى آخر ما في الآية - ثمّ قال : أقررتنّ ؟ قلن : نعم ، فأخرج يده من التّور ، ثمّ قال لهن : اغمسن أيديكنّ فيه ، ففعلن ، فكانت يد رسول الله صلىاللهعليهوآله أطيب من أن يمسّ بها كفّ انثى ليست [ له ] بمحرم » (٢) .
وروي عن عائشة أنّها قالت : « ما أخذ رسول الله صلىاللهعليهوآله قطّ إلّا بما أمر الله ، وما مسّت كفّ رسول الله صلىاللهعليهوآله كفّ امرأة قطّ ، وكان يقول إذا أخذ عليهنّ قد بايعتك على كلّها ، فاذا أقررن بذلك من قولهنّ ، قال لهنّ : انطلقن فقد بايعتكنّ » (٣) .
وروى بعض العامة أنّ النبي صلىاللهعليهوآله بايعهنّ وبين يديه وأيديهن ثوب قطريّ - وهو ضرب من البرد - يأخذ بطرف منه ويأخذن بالطرف الآخر (٤) .
﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَما
يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحابِ الْقُبُورِ (١٣)﴾
ثمّ أكّد سبحانه النهي عن مولاة الكفّار ، أو عن مولاة خصوص اليهود بقوله : ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ﴾ عن ابن عباس يقول : لا تتولّوا اليهود والمشركين ، وذلك لأنّ جمعا من فقراء المسلمين كانوا يخبرون اليهود أخبار المسلمين لحاجتهم إليهم ، فنهوا عنه ، ولمّا كان اليهود قد كذّبوا محمدا صلىاللهعليهوآله ، وهم يعرفون أنّه رسول الله ، وأنهم أفسدوا آخرتهم بتكذيبهم إياه (٥) ، فهم ﴿قَدْ يَئِسُوا﴾ وقطعوا الطمع ﴿مِنَ﴾ نعيم الدار ﴿الْآخِرَةِ﴾ وثوابها ﴿كَما يَئِسَ الْكُفَّارُ﴾ الذين ماتوا على كفرهم وصاروا جميعا ﴿مِنْ أَصْحابِ الْقُبُورِ﴾ فانّهم عاينوا الآخرة ، وعلموا بخذلانهم فيها ، وعدم حظّهم منها.
روي عن مقاتل : أنّ الكافر إذا وضع في قبره أتاه ملك شديد الانتهار ، ثمّ يسأله من ربّك ، ومن نبيّك ؟ فيقول : لا أدري. فيقول الملك : أبعدك الله ، أنظر إلى منزلك في النار ، فيدعو بالويل والثبور ، ويقول : هذا لك ، فيفتح باب الجنة فيقول : هذا لمن آمن بالله ، فلو كنت آمنت بربّك نزلت الجنّة ، فيكون حسرة عليه ، وينقطع رجاءة ويعلم أنّه لا حظّ له فيها ، فييأس من خير الجنّة (٦) .
__________________
(١) التور : هو إناء من صفر أو حجارة كالإجّانة ، وقد يتوضأ منه ، والبرمة : القدر مطلقا ، وجمعها برام ، وهي في الأصل المتّخذة من الحجر المعروف بالحجاز واليمن.
(٢) الكافي ٥ : ٥٢٦ / ٢ ، تفسير الصافي ٥ : ١٦٧.
(٣) تفسير روح البيان ٩ : ٤٩١.
(٤) تفسير روح البيان ٩ : ٤٩١.
(٥) تفسير الرازي ٢٩ : ٣٠٩.
(٦) تفسير روح البيان ٩ : ٤٩٢.