شيئا. وعن ابن عباس : هم الذين ليس لهم كتاب ولا نبيّ بعث فيهم (١)﴿رَسُولاً﴾ من جنس الاميين ونبيا ﴿مِنْهُمْ﴾ وهو محمد صلىاللهعليهوآله الذي مع امّيته ﴿يَتْلُوا﴾ ويقرأ ﴿عَلَيْهِمْ﴾ كلام الله و﴿آياتِهِ﴾ القرآنية التي فيها جميع العلوم والمعارف الإلهية الدالة على رسالته ﴿وَيُزَكِّيهِمْ﴾ ويطهّر نفوسهم من أرجاس الأخلاق الرذيلة والصفات الدنيّة الذميمة ﴿وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ﴾ السماوي ، أو الخطّ كما عن ابن عباس (٢)﴿وَالْحِكْمَةَ﴾ قيل : هي الفرائض والسّنن (٣) . وقيل : هي سنّته (٤) . وقيل : هي العظة(٥) .
﴿وَإِنْ﴾ الشأن أنّهم ﴿كانُوا مِنْ قَبْلُ﴾ وفي الأزمنة السابقة على بعثته ﴿لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ﴾ وانحراف ظاهر عن الصراط المستقيم ، يعني مصرّين على الشرك ، ومجبولين على ذمائم أخلاق الجاهلية ، وكانوا في غاية الافتقار إلى الهادي إلى الحقّ ، والرسول المرشد إلى الصواب وسعادة الدارين.
قيل : إنّ توسيط التزكية التي هي تكميل النفس بحسب قوّتها العلمية ، وتهذيبها للتفرّع على تكميلها بحسب القوة النظرية الحاصلة بالتعليم المترتّبة على التلاوة ، للايذان بأنّ كلا من الامور المترتّبة نعمة جليلة على حيالها ، مستوجبة للشكر عليها ، فلو روعي الترتيب في الوجود لتبادر إلى الفهم كون الكلّ نعمة واحدة (٦) .
﴿وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ
يَشاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ * مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْراةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوها
كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ وَاللهُ لا
يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (٣) و (٥)﴾
ثمّ بيّن سبحانه أنّ رسالته ليست مختصة بالاميين ، بل تعمّ غيرهم من أهالي جميع الأزمنة بقوله : ﴿وَآخَرِينَ﴾. قيل : المعنى ويعلم الآخرين (٧) ، والذين لا يكونون ﴿مِنْهُمْ﴾ بل يكونون من غيرهم كأهل الكتاب و﴿لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ﴾ ولم يكونوا في زمانهم وسيلحقون بهم ويكونون بعدهم.
قيل : إنّ المراد غير العرب من الأعاجم كما عن ابن عباس (٨) ، وعن الباقر عليهالسلام (٩) .
وروي أنّ النبي صلىاللهعليهوآله قرأ هذه الآية فقيل له : من هؤلاء ؟ فوضع يده على كتف سلمان ، وقال : « لو كان
__________________
(١) تفسير الرازي ٣٠ : ٣.
(٢) تفسير روح البيان ٩ : ٥١٤.
(٣) تفسير الرازي ٣٠ : ٣ ، وفيه : والسّنة.
(٤) تفسير روح البيان ٩ : ٥١٤.
(٥و٦) تفسير روح البيان ٩ : ٥١٤.
(٧) تفسير الرازي ٣٠ : ٤ ، تفسير روح البيان ٩ : ٥١٥.
(٨) تفسير الرازي ٣٠ : ٤.
(٩) مجمع البيان ١٠ : ٤٢٩ ، تفسير الصافي ٥ : ١٧٣.