في تفسير سورة المنافقين
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
﴿إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللهُ
يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ * اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ
إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ * ذلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ
لا يَفْقَهُونَ (١) و (٣)﴾
ثمّ لمّا ختمت سورة الجمعة المتضمّنة لبيان عظمة الله ومنّته على الناس بإرسال محمّد صلىاللهعليهوآله بالرسالة ، ومنافع بعثته ، وعموم رسالته لكافة الناس إلى يوم القيامة ، ومعارضة اليهود وإلقائهم الشّبهة في عموم رسالته ، والجواب عنها ، وذمّ المسلمين على توجّههم إلى التجارة واللهو ، نظمت سورة المنافقين المتضمّنة لبيان كيد المنافقين وإلقائهم الشّبهات في رسالته ، وأمر المؤمنين بالإعراض عن الأولاد والأموال الملهين عن ذكر الله ، وإن في تركه الخسران ، فابتدأها بذكر الأسماء الحسنى بقوله تعالى : ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ﴾.
ثمّ شرع سبحانه في ذمّ المنافقين بقوله : ﴿إِذا جاءَكَ﴾ يا محمد ﴿الْمُنافِقُونَ﴾ الذين يظهرون الاسلام ويبطنون الكفر وحين حضروا عندك ﴿قالُوا﴾ لك نفاقا وكيدا : إنّا ﴿نَشْهَدُ﴾ ونقرّ عن اعتقاد جازم ويقين صادق ﴿إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ﴾ والمبعوث من قبله إلى الخلق لهدايتهم إلى الدين الحقّ ﴿وَاللهُ﴾ العالم بكلّ شيء ﴿يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ﴾ وأنّ شهادتهم برسالتك صدق ومطابق للواقع ﴿وَاللهُ﴾ مع ذلك ﴿يَشْهَدُ﴾ شهادة حقّه ﴿إِنَّ الْمُنافِقِينَ﴾ الذين يشهدون برسالتك كعبد الله بن ابي واصحابه وأضرابه ﴿لَكاذِبُونَ﴾ فيما تضمّنت (١) شهادتهم من إظهار اليقين والاعتقاد بها ، اولئك الذين ﴿اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ﴾ الفاجرة وجعلوها ﴿جُنَّةً﴾ وترسا ووقاية لأنفسهم من القتل والسبي ، وأموالهم من النهب والغارة.
__________________
(١) في النسخة : تضمّن.