في تفسير سورة ق
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
﴿ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ * بَلْ عَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقالَ الْكافِرُونَ هذا
شَيْءٌ عَجِيبٌ * أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً ذلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ (١) و (٣)﴾
ثمّ لمّا ختمت سورة الحجرات ببيان منّة الأعراب على النبي صلىاللهعليهوآله باسلامهم الدالّ على عدم إيمانهم برسوله وكتابه واليوم الآخر ، نظمت بعدها سورة ( ق ) المبتدئة ببيان عظمة القرآن وجلالته ، وبيان رسالة رسوله وأدلّة التوحيد ، وتهديد مكذّبي رسوله بما نزل على الامم الماضية من العذاب ، فابتدأها بذكر الأسماء المباركات بقوله تبارك وتعالى : ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ﴾.
ثمّ افتتحها بذكر حرف ﴿ق﴾ جلبا لتوجّه القلوب إلى ما يرد عليها فلا يفوتها حلاوة الكلمات الرائقة ، وفهم المعاني الفائقة ، وقدّ مرّ أنّ تلك الحروف رموز.
عن ابن عباس : هو اسم من اسماء الله ، أقسم الله به (١) .
وقيل : هو رمز عن كلّ اسم من الأسماء الحسنى المصدّرة بالقاف ، كالقادر والقدير والقديم والقاهر والقهّار والقائم بالقسط والقاضي بالحقّ والقريب والقابض (٢) والقدّوس نحوها (٣) ، فانّ العرب قد ترمز عن كلمة بحرف.
وقيل : هو قسم بقوة قلب حبيبه (٤) .
وعن الصادق عليهالسلام : « وأمّا ﴿ق﴾ فهو جبل محيط [ بالأرض ] وخضرة السماء منه ، وبه يمسك الله الارض أن تميد بأهلها » (٥) .
وقال جمع من العامة : هو جبل محيط بالأرض كاحاطة بياض العين بسوادها ، وهو أعظم جبال الدنيا ، خلقه الله من زمرّد أخضر ، أو زبرجد أخضر ، منه خضرة السماء ، والسماء ملتزقة به ، وليس
__________________
(١) تفسير روح البيان ٩ : ٩٩.
(٢) في تفسير روح البيان : والقهّار والقريب والقابض والقاضي.
(٣) تفسير روح البيان ٩ : ٩٩.
(٤) تفسير روح البيان ٩ : ١٠٠.
(٥) معاني الاخبار : ٢٢ / ١ ، تفسير الصافي ٥ : ٥٨.