في الحديث « رحم الله رجلا قال : يا أهلاه صلاتكم صيامكم زكاتكم مسكينكم يتيمكم جيرانكم ، لعلّ الله يجمعكم معهم في الجنّة » (١) .
عن الصادق عليهالسلام : « لمّا نزلت هذه الآية جلس رجل من المسلمين يبكي ، وقال : عجزت عن نفسي ، وكلّفت أهلي. فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : حسبك أن تأمرهم بما تأمر نفسك ، وتنهاهم عمّا تنهى عنه نفسك » (٢) .
وعنه صلىاللهعليهوآله ، قيل له : هذه نفسي أقيها ، فكيف أقي أهلي ؟ فقال : « تأمرهم بما أمرهم الله به ، وتنهاهم عمّا نهاهم الله عنه ، فان أطاعوك وقيتهم ، وإن عصوك كنت قضيت ما عليك » (٣) .
﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ إِنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٧)﴾
ثمّ إنّه تعالى بعد أمر المؤمنين بحفظ أنفسهم وأهليهم من النار ، هدّد الكفّار بقوله : ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ والتقدير على ما قيل : يقال لكم حين إدخالكم النار يوم القيامة وإرادتكم الاعتذار عن كفركم وعصيانكم (٤) : ﴿لا تَعْتَذِرُوا﴾ في هذا ﴿الْيَوْمَ﴾ الذي هو يوم الجزاء بعد إتمام الحجّة عليكم بتوسّط الرسل في الدنيا ، وتبليغ الأوامر والنواهي إليكم بأبلغ بيان ، فلم يبق لكم عذر قابل للقبول مفيد بحالكم ﴿إِنَّما تُجْزَوْنَ﴾ اليوم ﴿ما كُنْتُمْ﴾ في الدنيا ﴿تَعْمَلُونَ﴾ وترتكبون من الكفر والطّغيان والعتوّ والعصيان بلا زيادة ولا نقصان.
﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ
سَيِّئاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ يَوْمَ لا يُخْزِي اللهُ النَّبِيَّ
وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنا أَتْمِمْ لَنا
نُورَنا وَاغْفِرْ لَنا إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٨)﴾
ثمّ علّم الله سبحانه المؤمنين طريق الخلاص من العذاب والاعتذار من العصيان بقوله : ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللهِ﴾ من معاصيكم وزلّاتكم في الدنيا قبل معاينة الآخرة وانسداد باب التوبة ﴿تَوْبَةً نَصُوحاً﴾ لا رجوع بعدها إلى ما ارتكبتم من الذنب ، واعتذروا إلى الله ممّا فرط منكم من العصيان مع الندم عليه ندامة شديدة مستلزمة للعزم الأكيد على أن لا تعودوا إليه أبدا.
__________________
(١) جوامع الجامع : ٤٩٩ ، تفسير روح البيان ١٠ : ٥٨.
(٢) الكافي ٥ : ٦٢ / ١ ، تفسير الصافي ٥ : ١٩٦.
(٣) تفسير القمي ٢ : ٣٧٧ ، وتفسير الصافي ٥ : ١٩٦ ، عن الصادق عليهالسلام.
(٤) تفسير روح البيان ١٠ : ٦٠.