زمان يقع هذا الحشر الذي تخبروننا بوقوعه ؟ أخبرونا بوقت وقوعه ﴿إِنْ كُنْتُمْ﴾ في هذا الإخبار والوعد ﴿صادِقِينَ﴾ وبوقوعه عالمين.
﴿قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللهِ وَإِنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ * فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ
الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ (٢٦) و (٢٧)﴾
ثمّ أمر سبحانه النبي صلىاللهعليهوآله بجوابهم بقوله : ﴿قُلْ﴾ لهم يا محمد : ليس لي بوقت وقوعه علم ﴿إِنَّمَا الْعِلْمُ﴾ بوقته ﴿عِنْدَ اللهِ﴾ فقط مكتوم عن غيره ، لاقتضاء حكمته البالغة ذلك ﴿وَإِنَّما أَنَا﴾ من قبل الله ﴿نَذِيرٌ﴾ ومخوّف للناس بالإخبار بأصل وقوعه ﴿مُبِينٌ﴾ ومظهر لهم ببيان واضح يعرفه كلّ أحد ، لتتم الحجّة عليهم ، والعلم بالوقوع لا يستلزم العلم بوقت الوقوع ، والإخبار بالأول عن علم من قبل الله كاف في الانذار.
ثمّ هدّدهم سبحانه ببعض أهوال ذلك اليوم بقوله : ﴿فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً﴾ وقريبا منهم أو معاينة ﴿سِيئَتْ﴾ وقبحت ، أو اسودّت ﴿وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ وأنكروا وقوعه ، وعن ابن عباس : يكون عليها الكابة والقتر (١)﴿وَقِيلَ﴾ لهم من قبل الله بلسان الزبانية ، أو القائل بعضهم لبعض : ﴿هذَا﴾ اليوم الذي ترونه هو ذلك اليوم ﴿الَّذِي كُنْتُمْ﴾ في الدنيا ﴿بِهِ تَدَّعُونَ﴾ وتطلبون وتستعجلون ، أو تدّعون بطلانه أو امتناعه ، وإنّه لا يأتي أبدا. قيل : إنّه استفهام انكاري ، والمعنى : أهذا الذي تدّعونه ، لا بل تدّعون عدمه (٢) وامتناع وقوعه.
وقيل : إنّ الآية تهديد لهم بالعذاب الدنيوي ، والمعني : فلمّا رأوا عذاب الاستئصال زلفة وقريبا منهم.
عن القمي رحمهالله قال : إذا كان يوم القيامة نظر أعداء أمير المؤمنين عليهالسلام إليه وإلى ما أعطاه الله من الكرامة والمنزلة الشريفة العظيمة ، وبيده لواء الحمد ، وهو على الحوض يسقي ويمنع ، تسودّ وجوه أعدائه ، فيقال لهم : ﴿هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ﴾ منزلته وموضعه واسمه (٣) .
وعن الباقر عليهالسلام قال : « هذه الآية نزلت في أمير المؤمنين عليهالسلام وأصحابه الذين عملوا ما عملوا ، يرون أمير المؤمنين عليهالسلام في أغبط الأماكن لهم ، فتسيء وجوههم ، ويقال لهم : ﴿هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ﴾ الذي انتحلتم اسمه » (٤) .
__________________
(١) تفسير الرازي ٣٠ : ٧٥.
(٢) تفسير الرازي ٣٠ : ٧٥.
(٣) تفسير القمي ٢ : ٣٧٩ ، تفسير الصافي ٥ : ٢٠٥.
(٤) الكافي ١ : ٣٥٢ / ٦٨ ، تفسير الصافي ٥ : ٢٠٥.