عن الصادق عليهالسلام : « أنّ الله عزوجل أدّب نبيّه صلىاللهعليهوآله فأحسن تأديبه ، فلمّا أكمل له الأدب قال : ﴿إِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ » (١) .
عن ( البصائر ) مقطوعا : « أنّ الله أدّب نبيّه فأحسن تأديبه ، فقال : ﴿خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ﴾(٢) فلمّا كان ذلك ، أنزل الله تعالى : ﴿إِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾» (٣).
وعن عائشة قالت : ما كان أحد أحسن خلقا من رسول الله صلىاللهعليهوآله ، ما دعاه أحد من أصحابه ولا من أهل بيته إلّا قال صلىاللهعليهوآله : « لبيك » (٤) .
وعن أنس قال : خدمت رسول الله صلىاللهعليهوآله عشر سنين ، فما قال لي في شيء فعلته : لم فعلت ، ولا في شيء لم أفعله : هلّا فعلت (٥) !
وقيل : إنّه لم ينحرف عن بلاء ، ولم ينصرف عن عطاء (٦) .
وقيل : كيف لا يكون خلقه عظيما وقد تجلّى الله فيه بأنوار أخلاقه (٧) .
﴿فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ * بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ * إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ
وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ * فَلا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ * وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ (٥) و (٩)﴾
ثمّ لمّا وعد سبحانه نبيّه صلىاللهعليهوآله أفضل الأجر ، ومدحه بأكرم الأخلاق ، ذمّ معانديه ومكذّبيه بقوله: ﴿فَسَتُبْصِرُ﴾ يا محمد ، وعن قريب ترى ﴿وَ﴾ المشركون ﴿يُبْصِرُونَ﴾ في الدنيا كما قيل ، أو في الآخرة (٨) حين نزول العذاب عليهم ﴿بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ﴾ وابتلاء بالجنون ، أبك وبفرق المؤمنين ، أم بفرق الكافرين والمكذّبين ؟ فانّ المجنون هو الذي هام في تيه الضّلال ، وابتلى نفسه بالعذاب والنّكال ، ومن الواضح ﴿إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ﴾ من كلّ أحد ﴿بِمَنْ ضَلَ﴾ وانحرف ﴿عَنْ سَبِيلِهِ﴾ المؤدّي إلى سعادة الدارين ﴿وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ﴾ إلى سبيله الناجين من كلّ هلكة وعذاب ، الفائزين بكلّ خير وصواب.
فاذا تبيّن أنّ أعداءك في ضلال ﴿فَلا تُطِعِ﴾ يا محمد ، ولا تجب ﴿الْمُكَذِّبِينَ﴾ في سؤالهم منك الإعراض عن الدين الحقّ ، والدخول في دين آبائك المشركين باعتقادهم وزعمهم ، ودم على ما أنت عليه من التوحيد وعبادة الله ، وتشدّد عليهم مع قلّة أنصارك وأصحابك ، وإن عارضوك بأجمعهم مع
__________________
(١) الكافي ١ : ٢٠٨ / ٤ ، تفسير الصافي ٥ : ٢٠٨.
(٢) الأعراف : ٧ / ١٩٩.
(٣) بصائر الدرجات : ٣٩٨ / ٣ ، تفسير الصافي ٥ : ٢٠٨.
(٤و٥) تفسير الرازي ٣٠ : ٨١.
(٦و٧) تفسير روح البيان ١٠ : ١٠٧.
(٨) تفسير الرازي ٣٠ : ٨٢.