سائر الكفرة ، أو على القدر المتصوّر عند الناس ، لزيادة عصيانهم على عصيان غيرهم ، كغرق أهل العالم ، وتقليب سبع بلاد (١) ، وإمطار الحجارة عليهم.
ثمّ أشار سبحانه إلى قصة قوم نوح بقوله : ﴿إِنَّا لَمَّا طَغَى الْماءُ﴾ وتجاوز عن الحدّ حتى علا كلّ شيء في الأرض ، وارتفع على الجبال ، أو طغى على خزّانه ولم يقدروا على ضبطه ﴿حَمَلْناكُمْ﴾ يا بني آدم ﴿فِي﴾ السفينة ﴿الْجارِيَةِ﴾ السائرة على الماء ، وإنّما كان غرق الكفّار ونجاة المؤمنين ﴿لِنَجْعَلَها لَكُمْ﴾ أيّها المؤمنون ﴿تَذْكِرَةً﴾ وعظة ودليلا واضحا على قدرتنا وغضبنا على الكفر وتكذيب الرسل ﴿وَتَعِيَها﴾ وتحفظها ﴿أُذُنٌ واعِيَةٌ﴾ وحافظة ما هو نافع لصاحبها بتذكّرة والتفكّر فيه ، فانّ من تفكّر في غرق أهل الأرض بالطّوفان الذي علا على الجبال الشوامخ خمسة عشر ذراعا وإنجاء المؤمنين في السفينة ، علم أنّ للعالم مدبّرا قادرا حكيما رحيما بمن وجده منتقما بمن أنكره وكذّب رسله.
في ذكر فضيلة أمير المؤمنين عليهالسلام
روى الفخر الرازي وغيره من العامة عن النبي صلىاللهعليهوآله أنه قال لعلي عليهالسلام حين نزلت الآية : « سئلت الله تبارك وتعالى أن يجعلها اذنك يا علي » قال علي صلوات الله عليه : « فما نسيت شيئا بعد ذلك ، وما كان لي أن أنسى » (٢) .
وفي رواية ذكرها النقّاش : أخذ صلىاللهعليهوآله باذن عليّ بن أبي طالب عليهالسلام وقال : « هي هذه » (٣) .
﴿فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ واحِدَةٌ * وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ فَدُكَّتا دَكَّةً
واحِدَةً * فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْواقِعَةُ * وَانْشَقَّتِ السَّماءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ واهِيَةٌ *
وَالْمَلَكُ عَلى أَرْجائِها وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ * يَوْمَئِذٍ
تُعْرَضُونَ لا تَخْفى مِنْكُمْ خافِيَةٌ * فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هاؤُمُ
اقْرَؤُا كِتابِيَهْ * إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ * فِي
جَنَّةٍ عالِيَةٍ * قُطُوفُها دانِيَةٌ * كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ
الْخالِيَةِ (١٣) و (٢٤)﴾
ثمّ شرع سبحانه وتعالى في بيان الحاقّة ، وكيفية وقوعها عقيب بيان عظم شأنها وإهلاك مكذّبيها
__________________
(١) كذا ، والظاهر : سبع بلدات ، أو سبع مدائن.
(٢) تفسير الرازي ٣٠ : ١٠٧ ، تفسير الطبري ٢٩ : ٣٥ ، الكشاف ٤ : ٦٠٠ ، الدر المنثور ٨ : ٢٦٧ ، تفسير روح البيان ١٠ : ١٣٦.
(٣) تفسير روح البيان ١٠ : ١٣٦.