هذا العذاب ، وبمن يقع ؟ فنزلت ﴿سَأَلَ سائِلٌ﴾(١) .
والباء في قوله : ﴿بِعَذابٍ﴾ في معنى ( عن ) . وقيل : إنّ المراد من السائل رسول الله صلىاللهعليهوآله ، حيث استعجل بعذاب الكافرين ، فبشّره الله بأنّ العذاب واقع بهم لا دافع له بقرينة قوله بعد ذلك : ﴿فَاصْبِرْ﴾(٢) .
﴿تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ * فَاصْبِرْ صَبْراً
جَمِيلاً (٥) إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً (٦) وَنَراهُ قَرِيباً (٧) يَوْمَ تَكُونُ السَّماءُ كَالْمُهْلِ (٨)
وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ (٩) وَلا يَسْئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً (١٠)﴾
ثمّ بيّن سبحانه أنّ إطلاق المعارج على السماوات بلحاظ عروج الملائكة بقوله : ﴿تَعْرُجُ﴾ وتصعد ﴿الْمَلائِكَةُ﴾ الذين هم مدبّرات الامور ﴿وَالرُّوحُ﴾ الامين المسمّى بجبرئيل بعد فراغهم من امور الدنيا لانهائها بأمر الله ﴿إِلَيْهِ﴾ تعالى ﴿فِي﴾ أوّل ﴿يَوْمٍ﴾ وزمان ﴿كانَ مِقْدارُهُ﴾ من أوّله إلى آخره خمسين ﴿أَلْفَ سَنَةٍ﴾ من سني الدنيا ، وهو يوم القيامة وزمان وقوف الناس للحساب ، وهذا الطول بالنسبة إلى الكفار ، كما روي أنّه قيل لرسول الله صلىاللهعليهوآله : ما أطول هذا اليوم : فقال : « والذي نفسي بيده إنّه ليخفّ عن المؤمن حتّى يكون عليه أخفّ من صلاة مكتوبة يصلّيها في الدنيا » (٣) .
وعن الصادق عليهالسلام : « أنّ للقيامة خمسين موقفا ، كلّ موقف مقام (٤) ألف سنة » ثمّ تلا هذه الآية (٥) .
وقيل : إنّ هذا التقدير على سبيل الفرض ، والمقصود أنّه لو اشتغل بالقضاء بين الناس أعقل الناس وأذكاهم لبقي فيه خمسين ألف عام ، والله يفرغ من حسابهم في مقدار نصف يوم من أيام الدنيا (٦) كما عن الصادق أنّه قال : « لو ولي الحساب غير الله لمكثوا فيه خمسين ألف سنة من قبل أن يفرغوا ، والله سبحانه يفرغ من ذلك في ساعة » (٧) .
وقال في رواية اخرى : « لا ينتصف ذلك اليوم حتى يقبل أهل الجنة في الجنّة ، وأهل النار في النار » (٨) .
ويمكن أن يقال : إنّ التقدير لعروج الملائكة لا ليوم القيامة ، كما قال بعض (٩) . والمعنى أنّ الملائكة يعرجون إلى مواضع لو أراد غيرهم من أهل الدنيا أن يصعد إليها لا يمكنه إلّا في مدّة خمسين ألف
__________________
(١) تفسير الرازي ٣٠ : ١٢١.
(٢) تفسير الرازي ٣٠ : ١٢١ ، والآية من سورة المعارج : ٧٠ / ٥.
(٣) مجمع البيان ١٠ : ٥٣١ ، تفسير الصافي ٥ : ٢٢٥ ، تفسير الرازي ٣٠ : ١٢٤.
(٤) في الكافي : مقداره.
(٥) الكافي ٨ : ١٤٣ / ١٠٨ ، تفسير الصافي ٥ : ٢٢٥.
(٦) تفسير الرازي ٣٠ : ١٢٤.
(٧و٨) مجمع البيان ١٠ : ٥٣١ ، تفسير الصافي ٥ : ٢٢٥.
(٩) مجمع البيان ١٠ : ٥٣٠.