في تفسير سورة نوح
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
﴿إِنَّا أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ * قالَ
يا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ * أَنِ اعْبُدُوا اللهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ * يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ
ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ أَجَلَ اللهِ إِذا جاءَ لا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنْتُمْ
تَعْلَمُونَ * قالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهاراً * فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعائِي إِلاَّ فِراراً
* وَإِنِّي كُلَّما دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيابَهُمْ
وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْباراً (٧) ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهاراً * ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ
وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْراراً (١) و (٩)﴾
ثمّ لمّا ختمت سورة المعارج المتضمّنة لسؤال العذاب على الكفّار ، وأمر الرسول بالصبر على تكذيب المكذبين ، وبيان قدرته تعالى على إهلاك جميع الخلق ، اردفت بسورة نوح في النّظم المتضمّنة لشكاية نوح من تكذيب المكذّبين تسلية للنبي صلىاللهعليهوآله ، وسؤال نوح العذاب على الكفّار ، ووقوع إهلاك جميع الخلق بالطّوفان ، فافتتحها سبحانه بذكر الأسماء الحسنى بقوله : ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ﴾.
ثمّ شرع سبحانه في ذكر قصّة بعثة نوح ، وكيفية دعوته وشكايته منهم (١) تسلية للنبي صلىاللهعليهوآله بقوله: ﴿إِنَّا أَرْسَلْنا نُوحاً﴾ الذي هو أول اولي العزم من الرسل وشيخهم ، من جزيرة كان يسكنها - واسمه عبد الغفّار على ما قيل (٢) - ﴿إِلى قَوْمِهِ﴾(٣) وهم جميع من في الأرض ، وكانوا يعبدون الأصنام ، وقلنا له : ﴿أَنْ أَنْذِرْ﴾ وخوّف ﴿قَوْمَكَ﴾ من عذاب الله على الشّرك به وعصيانه ﴿مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ﴾ من جانب الله ﴿عَذابٌ أَلِيمٌ﴾ غضبا عليهم.
__________________
(١) في النسخة : عنهم.
(٢) تفسير روح البيان ١٠ : ١٧١.
(٣) زاد في النسخة : من.