في تفسير سورة القيامة
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
﴿لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ * وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ * أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَلَّنْ
نَجْمَعَ عِظامَهُ (١) و (٣)﴾
ثمّ لمّا ختمت سورة المدّثر المتضمّنة لبيان بعض أهوال القيامة وبيان عظمة القرآن ، وأنّ مكذّبيه لا يخافون الآخرة ، نظمت سورة القيامة المتضمّنة لبيان بعض آخر من أهوال القيامة ، وبيان عظمة القرآن المجيد ، وأنّ مكذّبيه يحبّون العاجلة ويذرون الآخرة ، وغير ذلك من المناسبات بين السورتين الشريفتين ، فافتتحها بذكر الأسماء الحسنى بقوله تبارك وتعالى : ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ﴾.
ثمّ شرع سبحانه في إثبات المعاد بقوله : ﴿لا أُقْسِمُ﴾ على وقوع المعاد ﴿بِيَوْمِ الْقِيامَةِ* وَلا أُقْسِمُ﴾ عليه ﴿بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ﴾ لعظمة شأنهما وعدم الحاجة في وقوعه إلى القسم لوضوحه. وقيل : إنّ حرف ﴿لا﴾ زائدة للتأكيد (١) . والمعنى اقسم بيوم القيامة وبالنفس اللّوامة أنّكم لتبعثنّ.
عن ابن عباس : كلّ نفس تلوم نفسها يوم القيامة [ سواء ] كانت فاجرة أو برّه ، أمّا البرّة فلأجل أنّها لم تزد على طاعتها ، وأمّا الفاجرة فلأجل أنّها لم تشتغل بالتقوى (٢) .
وقيل : إنّ المراد النفوس المتقية التي تلوم النفس العاصية يوم القيامة (٣) .
وقيل : إنّ المراد النفوس الشريفة التي تلوم نفسها وإن اجتهدت في الطاعة (٤) .
وقيل : إنّها النفوس الشقية ، فانّها تلوم نفسها إذا شاهدت أهوال القيامة (٥) . قيل : وجه المناسبة بين المقسمين أنّ ظهور شدّة اللوم يكون في ذلك اليوم (٦) .
ثمّ أنكر سبحانه استبعاد البعث أو امتناعه أو أظهر التعجّب منه بقوله : ﴿أَيَحْسَبُ﴾ ويتخيّل ﴿الْإِنْسانُ﴾ العاقل ﴿أَلَّنْ﴾ نقدر على أن ﴿نَجْمَعَ عِظامَهُ﴾ بعد موته. عن ابن عباس : أنّ المراد
__________________
(١) تفسير الرازي ٣٠ : ٢١٤ ، تفسير روح البيان ١٠ : ٢٤٣.
(٢) تفسير الرازي ٣٠ : ٢١٥.
(٣) تفسير الرازي ٣٠ : ٢١٦.
(٤و٥) تفسير الرازي ٣٠ : ٢١٦.
(٦) مجمع البيان ١٠ : ٥٩.