وحده ، ونحو محضر عدله تعالى ﴿يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ﴾ والاذهاب بالعنف والقهر ، أو إلى ربك مفوّض سوقهم.
عن الباقر عليهالسلام أنّه سئل عن هذه الآية فقال : « ذلك ابن آدم إذا حلّ به الموت قال : هل من طبيب ؟ ﴿وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِراقُ﴾ أيقن بمفارقة الأحبّة ﴿وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ﴾ التفت الدنيا بالآخرة ﴿إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ﴾ قال : المصير إلى ربّ العالمين » (١) .
﴿فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى * وَلكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى * ثُمَّ ذَهَبَ إِلى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى *
أَوْلى لَكَ فَأَوْلى * ثُمَّ أَوْلى لَكَ فَأَوْلى (٣١) و (٣٥)﴾
ثمّ بيّن سبحانه أعظم معاصيهم الموجبة لاستحقاقهم العذاب بقوله : ﴿فَلا صَدَّقَ﴾ بالرسول ودينه وكتابه ودار الجزاء ﴿وَلا صَلَّى﴾ الصلوات الواجبة ﴿وَلكِنْ﴾ لم يكتف بترك التصديق ، بل ﴿كَذَّبَ﴾ الرسول وكتابه والبعث بعد الموت ﴿وَتَوَلَّى﴾ وأعرض عن الدين وعبادة ربّ العالمين ﴿ثُمَ﴾ مع ذلك ﴿ذَهَبَ إِلى أَهْلِهِ﴾ وعياله وعشيرته وهو ﴿يَتَمَطَّى﴾ ويتبختر ويختال في مشيه افتخارا بتكذيب الرسول والإعراض عن عبادة الله ، فقل يا محمد لهذا الكافر : ﴿أَوْلى لَكَ﴾ الهلاك ، أو بعدا ، أو ويل لك ﴿فَأَوْلى﴾ لك ﴿ثُمَ﴾ كرّر القول ، وقل : ﴿أَوْلى لَكَ فَأَوْلى﴾ بعد اخرى. وقيل : أولى مأخوذ من آل يئول ، والمعنى : عقباك النار (٢) .
قال جمع من المفسرين : أخذ رسول الله صلىاللهعليهوآله بيد أبي جهل : ثمّ قال : أولى لك فأولى ، توعّده ، فقال أبو جهل : بأيّ شيء تهدّدني ؟ لا تستطيع أنت ولا ربّك أن تفعلا بي شيئا ، وإنّي لأعزّ أهل هذا الوادي. ثمّ انسلّ ذاهبا ، فأنزل الله تعالى كما قال رسول الله صلىاللهعليهوآله له ، فأولى لك دعاء عليه بأن يليه ما يكرهه (٣) . وقيل : إنّه وعيد مبتدأ من الله للكافر (٤) .
عن الجواد عليهالسلام أنّه سئل عن هذه الآية فقال : « يقول الله عزوجل بعدا لك من خير الدنيا ، وبعدا لك من خير الآخرة » (٥) .
﴿أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً * أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى * ثُمَّ كانَ
عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى * فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى * أَلَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ
عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى (٣٦) و (٤٠)﴾
__________________
(١) الكافي ٣ : ٢٥٩ / ٣٢ ، تفسير الصافي ٥ : ٢٥٧.
(٢) تفسير البيضاوي ٢ : ٥٥٠ ، تفسير أبي السعود ٩ : ٦٩.
(٣) تفسير الرازي ٣٠ : ٢٣٣ ، تفسير روح البيان ١٠ : ٢٥٧.
(٤) تفسير الرازي ٣٠ : ٢٣٣.
(٥) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ٢ : ٥٤ / ٢٠٥ ، تفسير الصافي ٥ : ٢٥٧.