﴿إِنَّ هذا كانَ لَكُمْ جَزاءً وَكانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً (٢٢)﴾
ثمّ يقول الله ، أو الملائكة ، للأبرار : ﴿إِنَّ هذا﴾ الذي ترون من العطايا والكرامات ﴿كانَ﴾ في علم الله ﴿لَكُمْ جَزاءً﴾ وعوضا بمقابلة أعمالكم الحسنة وعباداتكم المقبولة ﴿وَكانَ سَعْيُكُمْ﴾ وسرعتكم في الخيرات وتعبكم في الطاعات ﴿مَشْكُوراً﴾ عند الله ومرضيا له ومقابلا بالثواب العظيم ، فيزداد بذلك الخطاب فرحهم وسرورهم.
روى كثير من مفسّري العامة كالواحدي والزمخشري وأبي السعود وإسماعيل حقّي وغيرهم : أنّ الآيات نزلت في شأن علي وفاطمة والحسن والحسين ، لرواية ابن عباس (١) ، وهي كما في ( روح البيان ) : أنّ الحسن والحسين عليهماالسلام مرضا فعادهما رسول الله صلىاللهعليهوآله في ناس معه ، فقالوا لعليّ عليهالسلام : لو نذرت على ولديك نذر ؟ فنذر عليّ وفاطمة عليهماالسلام وفضّة جارية لهما إن برءا ممّا بهما أن يصوموا ثلاثة أيام تقرّبا إلى الله وطلبا لمرضاته وشكرا له ، فشفيا فصاموا وما معهم شيء يفطرون عليه ، فاستقرض علي عليهالسلام من شمعون اليهودي الخيبري ثلاثة أصوع من الشعير ، فطحنت فاطمة عليهاالسلام صاعا وخبزت خمسة أقراص على عددهم ، فوضعوا بين أيديهم وقت الإفطار ليفطروا به ، فوقف عليهم سائل ، فقال : السّلام عليكم يا أهل بيت محمد ، أنا مسكين من مساكين المسلمين ، أطعموني أطعمكم الله من موائد الجنّة.
فقال علي لفاطمة عليهماالسلام :
فاطم ذات المجد واليقين |
|
يا بنت خير الناس أجمعين |
أماترين البائس المسكين |
|
قد قام بالباب له حنين |
يشكو إلى الله ويستكين |
|
يشكو إلينا جائعا حزين |
فقالت فاطمة عليها سلام الله :
أمرك يابن عم سمع طاعه |
|
مابي من لؤم ولا ضراعة |
أرجو إذا أشبعت ذا مجاعه |
|
ألحق بالأخيار والجماعه |
و أدخل الخلد ولي شفاعة |
فآثروه كلّهم وباتوا ولم يذوقوا إلّا الماء ، وأصبحوا صياما ، فطحنت فاطمة ثلثا آخر وخبزت ، فلمّا أمسوا ووضعوا الطعام بين أيديهم ، وقف عليهم يتيم ، فقال : السّلام عليكم يا أهل بيت محمد ، يتيم من أولاد المهاجرين ، استشهد والدي يوم العقبة ، أطعموني أطعمكم الله من موائد الجنّة.
__________________
(١) اسباب النزول : ٢٤٨ ، الكشاف ٤ : ٦٧٠ ، تفسير أبي السعود ٩ : ٧٣ ، تفسير الرازي ٣٠ : ٢٤٤.