إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً * يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ
عَذاباً أَلِيماً (٣١)﴾
ثمّ إنّه تعالى بعد بيان حال الشاكرين والكافرين نبّه على الغرض من هذه البيانات بقوله : ﴿إِنَّ هذِهِ﴾ المذكورات من الوعد والوعيد والترغيب والترهيب والدلائل والحكم ﴿تَذْكِرَةٌ﴾ وعظة شافية لمن تأمّل فيها ، وتبصرة لمن تفكّر في لطائفها ﴿فَمَنْ شاءَ﴾ أيّها الناس خير الدارين وسعادة النشأتين ﴿اتَّخَذَ﴾ واختار لنفسه بالعمل بهذا القرآن ﴿إِلى رَبِّهِ﴾ القرب إليه ﴿سَبِيلاً﴾ يصله إلى مرضاته وجنّته والنّعم الدائمة ﴿وَما تَشاؤُنَ﴾ شيئا من الهداية وغيرها في حال من الأحوال ﴿إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ﴾ ذلك الشيء بالمشيئة التكوينية من غير أن يلزم جبران ﴿إِنَّ اللهَ كانَ﴾ بذاته ﴿عَلِيماً﴾ بمصالح العباد واستعداداتهم ﴿حَكِيماً﴾ فيما يشاء لعباده ، فلا يشاء لهم إلّا ما تستدعيه وتقتضيه حكمته.
عن القائم عجل الله فرجه أنّه سئل عن المفوّضه - كذا في النسخة - قال : « كذبو ، بل قلوبنا أوعية لمشية الله عزوجل ، فاذا شاء شيئا شئنا » ثمّ تلا هذه الآية (١) .
ثمّ بيّن سبحانه حكم مشيته بقوله : ﴿يُدْخِلُ﴾ الله ﴿مَنْ يَشاءُ﴾ سعادته ودخوله ﴿فِي رَحْمَتِهِ﴾ بإعطائه التوفيق وتأييده وتسديده ﴿وَالظَّالِمِينَ﴾ الذين ضيّعوا حقوق نعم الله بالكفر ﴿أَعَدَّ﴾ الله وهيّأ ﴿لَهُمْ﴾ في الآخرة ﴿عَذاباً أَلِيماً﴾ لا يوصف بالبيان.
عن النبي صلىاللهعليهوآله : « من قرأ سورة ﴿هَلْ أَتى﴾ كان جزاؤه على الله جنّة وحريرا » (٢) .
وعن الباقر عليهالسلام : « من قرأ ﴿هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ﴾ كلّ غداة من الخميس ، زوّجه الله من الحور العين ثمانمائة عذراء ، وأربعة آلاف ثيّب ، وكان مع محمد صلىاللهعليهوآله » (٣) .
وعن الهادي عليهالسلام : « من أحبّ أن يقيه الله شرّ [ يوم ] الاثنين ، فليقرأ في أول ركعة من صلاة الغداة ﴿هَلْ أَتى ﴾ » (٤) .
__________________
(١) الخرائج والجرائح ١ : ٤٥٩ / ٤ ، تفسير الصافي ٥ : ٢٦٦.
(٢) تفسير البيضاوي ٢ : ٥٥٥ ، تفسير أبي السعود ٩ : ٧٧.
(٣) ثواب الأعمال : ١٢١ ، مجمع البيان ١٠ : ٦٠٨ ، تفسير الصافي ٥ : ٢٦٦.
(٤) أمالي الطوسي : ٢٢٤ / ٣٨٩ ، تفسير الصافي ٥ : ٢٦٦.