وطوالا ، لتكون أوتادا لها ﴿وَأَسْقَيْناكُمْ﴾ برحمتنا من السماء والأرض ﴿ماءً فُراتاً﴾ وعذبا أو لذيذا ﴿وَيْلٌ﴾ وعذاب أليم ﴿يَوْمَئِذٍ﴾ وفي ذلك الزمان الخطير ﴿لِلْمُكَذِّبِينَ﴾ بهذه النّعم العظام ، والمنكرين لقدرتنا على إعادة الخلق في يوم القيامة.
﴿انْطَلِقُوا إِلى ما كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ * انْطَلِقُوا إِلى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ * لا
ظَلِيلٍ وَلا يُغْنِي مِنَ اللهَبِ (٢٩) و (٣١)﴾
ثمّ ذكر سبحانه كيفية عذاب المكذبين يوم القيامة. قيل : إنّ الشمس تقرب فيه من رؤوس الخلائق وليس عليهم لباس وكنان ، فتلفحهم (١) الشمس وتأخذ بأنفاسهم ، ويمتدّ ذلك اليوم ، وينجّى الله المؤمنين إلى ظلّ عرشه ، فهناك يقولون : ﴿فَمَنَّ اللهُ عَلَيْنا وَوَقانا عَذابَ السَّمُومِ﴾(٢) ويقول خزنة جهنّم للمكذّبين : ﴿انْطَلِقُوا﴾ والعبوا أيّها المكذّبون ﴿إِلى ما كُنْتُمْ﴾ في الدنيا ﴿بِهِ تُكَذِّبُونَ﴾ من العذاب.
ثمّ يبالغون في تقريعهم بتكرار الأمر بقوله : ﴿انْطَلِقُوا﴾ أيّها المكذّبون واذهبوا ﴿إِلى ظِلٍ﴾ من دخان غليظ عظيم من نار جهنّم ، أو ظلّ من نار ﴿ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ﴾ قيل : شعبة عن يمينهم ، وشعبه عن يسارهم ، وشعبة فوق رؤوسهم ، فيكونون محاطين بالدّخان أو النار (٣) .
قيل : يخرج لسان من النار محيط بالكافر كالسّرادق ، فيتشعّب ثلاث شعب يكون فيها حتّى يفرغ من الحساب (٤) ﴿لا ظَلِيلٍ﴾ ذلك الظلّ ولا مانع لهم من حرّ الشمس ، وقيل : يعني لا بارد (٥)﴿وَلا يُغْنِي﴾ الكفّار ﴿مِنَ﴾ حرّ ﴿اللهَبِ﴾ ولا يبعدهم أو لا يسترهم منه.
عن الباقر عليهالسلام قال : « بلغنا والله أعلم أنّه إذا سيق (٦) أهل النار وينطلق بهم قبل أن يدخلوا النار ، فيقال لهم : ادخلوا إلى ظلّ ذي ثلاث شعب من دخان النار ، فيحسبون أنّها الجنّة ، ثمّ يدخلون النار أفواجا [ أفواجا و] ذلك نصف النهار » انتهى (٧) .
﴿إِنَّها تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ * كَأَنَّهُ جِمالَتٌ صُفْرٌ * وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ * هذا
يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ * وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ * وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٣٢) و (٣٧)﴾
__________________
(١) في النسخة : فتلحقهم.
(٢و٣) تفسير الرازي ٣٠ : ٢٧٥. والآية من سورة الطور ٥٢ : ٢٧.
(٤) تفسير أبي السعود ٩ : ٨٠ ، تفسير روح البيان ١٠ : ٢٨٦.
(٥) تفسير الرازي ٣٠ : ٢٧٥.
(٦) في تفسيري القمي والصافي : استوى.
(٧) تفسير القمي ٢ : ١١٣ ، تفسير الصافي ٥ : ٢٧٠.