في تفسير سورة النباء
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
﴿عَمَّ يَتَساءَلُونَ * عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ * الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ (١) و (٣)﴾
ثمّ لمّا ختمت السورة المباركة المتضمّنة لبيان عظمة القيامة وأهوالها والاستفهامات التقريرية لإثبات وقوعها بقوله : ﴿أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ﴾(١) إلى آخره ، وبيان سوء حال المكذّبين بها وحسن حال المتّقين ، نظمت السورة المباركة النبأ المتضمّنة لبيان عظمة ذلك اليوم وأهواله ، والاستفهامات التقريرية لإثبات وقوعه بقوله : ﴿أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهاداً﴾(٢) إلى آخره ، وبيان سوء حال المكذّبين به ، وحسن حال المتّقين في الآخرة ، فافتتحها سبحانه على دأبه بذكر الأسماء المباركات بقوله : ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ﴾.
ثمّ ابتدأها على القول الصحيح ببيان عظمة يوم القيامة بقوله : ﴿عَمَّ يَتَساءَلُونَ﴾ وعن أي خبر اولئك الكفّار يستخبرون بعضهم بعضا ، أو كلّهم المؤمنين استهزاء ، أو المؤمنون الرسول زيادة لليقين والبصيرة ؟ يتسائلون ﴿عَنِ النَّبَإِ﴾ والخبر ﴿الْعَظِيمِ﴾ الشأن الذي لا أعظم منه. قيل : إنّ المراد من النبأ نبوّة محمد (٣) . وقيل : هو القرآن (٤) ﴿الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ﴾ فبعضهم يقولون : إنّه سحر وبعضهم يقولون : إنّه شعر ، وبعضهم يقولون : كهانة.
وقيل : إنّ المراد به وقوع يوم القيامة (٥) ، وهو الأظهر ، فانّ الكفّار كانوا فيه مختلفين ، فبعضهم ينكرونه ، وبعضهم يظهرون الشكّ فيه ، وبعضهم ينكرون المعاد الجسماني دون الروحاني ، وفي الاستفهام غاية تفخيم شأنه.
وعن الصادق عليهالسلام - في تأويله - قال : « ﴿ النَّبَإِ الْعَظِيمِ﴾ الولاية » (٦) .
وعن الباقر عليهالسلام أنّه سئل عن تفسير ﴿عَمَّ يَتَساءَلُونَ﴾ قال : « هو أمير المؤمنين عليهالسلام » وقال : « كان أمير
__________________
(١) المرسلات : ٧٧ / ٢٠.
(٢) النبأ : ٧٨ / ٦.
(٣) تفسير الرازي ٣١ : ٤.
(٤) مجمع البيان ١٠ : ٦٣٩ ، تفسير الرازي ٣١ : ٤.
(٥) تفسير الرازي ٣١ : ٣.
(٦) الكافي ١ : ٣٤٦ / ٣٤ ، تفسير الصافي ٥ : ٢٧٣.