الملائكة قيل : إنّ التقدير فكانت تلك المواضع المفتوحة أبوابا (١) . وقيل : إنّ المراد من فتحها إزالتها وإعدامها ، فكانت مكانها طرق ومسالك للملائكة (٢) ﴿وَسُيِّرَتِ الْجِبالُ﴾ في الجوّ بعد انقلاعها من أماكنها ﴿فَكانَتْ﴾ وصارت في الأنظار شيئا وليست بشيء ، كما ترى ﴿سَراباً﴾ تحسبه ماء وليس بماء.
قيل : إنّ الله تعالى أخبر عن الجبال بحالات ؛ فأوّلها أنّها تندكّ وتتقطّع ، ثمّ تصير كثيبا مهيلا وتلا من رمل ، ثمّ تصير كالعهن ، ثمّ تنسفها الرياح فتصير هباء وذرات منبثّة في الهواء ، فتصير في الهواء كقطعة من الأرض تسير في الجوّ ، وترى الأرض التي تحتها بارزة ، وهي في هذه الحالة مثل السّراب ، فكما أنّ السراب تحسبه ماء وليس بماء ، كذلك الجبال تحسبها جبالا وليست بجبال في الحقيقة ، بل هي غبار (٣).
﴿إِنَّ جَهَنَّمَ كانَتْ مِرْصاداً * لِلطَّاغِينَ مَآباً * لابِثِينَ فِيها أَحْقاباً * لا يَذُوقُونَ
فِيها بَرْداً وَلا شَراباً * إِلاَّ حَمِيماً وَغَسَّاقاً * جَزاءً وِفاقاً (٢١) و (٢٦)﴾
ثمّ إنّه تعالى بعد بيان خراب الدنيا ومجيء الناس إلى الحشر ، بيّن حال جهنّم بقوله : ﴿إِنَّ جَهَنَّمَ كانَتْ﴾ في علم الله ، أو صارت ﴿مِرْصاداً﴾ ومحلّا لترقّب خزنتها ورود الناس ، فالمؤمنون يمرّون عليها كالبرق الخالطف أو كالراكب ، وتكون ﴿لِلطَّاغِينَ﴾ والعتاة والمتمرّدين خاصة ﴿مَآباً﴾ ومرجعا ومستقرا حال كونهم ﴿لابِثِينَ﴾ ومقيمين ﴿فِيها أَحْقاباً﴾ ودهورا كثيرة لا نهاية لها.
عن ابن عباس : أنّ الأحقاب ثلاثة وأربعون حقبا ، كلّ حقب سبعون خريفا ، كلّ خريف سبعمائة سنة ، كلّ سنة ثلاثمائة وستون يوما ، كلّ يوم ألف سنة من أيام الدنيا (٤) .
وعن النبي صلىاللهعليهوآله : « لا يخرج من النار من دخلها حتّى يمكث فيها أحقابا ، والحقب ثمانون سنة ، والسنة ثلاثمائة وستون يوما ، واليوم كألف سنة ممّا تعدّون ، فلا يتّكلنّ أحد على أن يخرج من النار » (٥).
وعن الصادق عليهالسلام قال : « الأحقاب ثمانية حقب ، والحقب ثمانون سنة ، والسنة ثلاثمائة وستون يوما ، واليوم كألف سنة ممّا تعدّون » (٦) .
__________________
(١) تفسير الرازي ٣١ : ١١.
(٢) تفسير روح البيان ١٠ : ٣٠.
(٣) تفسير روح البيان ١٠ : ٣٠١.
(٤) تفسير روح البيان ١٠ : ٣٠٢.
(٥) مجمع البيان ١٠ : ٦٤٣ ، تفسير الصافي ٥ : ٢٧٦.
(٦) معاني الأخبار : ٢٢٠ / ١ ، تفسير الصافي ٥ : ٢٧٦.