عن النبي صلىاللهعليهوآله : « أنّ بين النفختين أربعين عاما » (١) .
وروي أنّ في هذه الأربعين يمطر الله الأرض ، ويصير ذلك الماء عليها كالنّطف (٢) .
وقيل : إنّ الرادفة يوم القيامة (٣) .
وقيل : إنّ الراجفة الأرض والجبال (٤) ، والرادفة السماء ، فانّها تنشقّ ، والكواكب فإنّها تنثر (٥) .
وقيل : الرادفة زلزلة ثانية تتبع الزلزلة الاولى حتّى تتقطّع الأرض وتفنى (٦) .
﴿قُلُوبٌ﴾ كثيرة للكفّار ﴿يَوْمَئِذٍ واجِفَةٌ﴾ ومضطربة من خوف الله وأهوال ذلك اليوم ، ومن لوازم اضطراب القلوب وخوف النفوس ما أخبر سبحانه بقوله : ﴿أَبْصارُها خاشِعَةٌ﴾ وخاضعة ذليلة مترقّبة لما ينزل بها من الامور العظام ، فانّ اولئك الكفّار كانوا ﴿يَقُولُونَ﴾ إنكارا للبعث أو استهزاء به : ﴿أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ﴾ بعد الموت ﴿فِي الْحافِرَةِ﴾ والحالة الاولى التي كانت لنا من البنية والحياة والقوّة ؟ ثمّ يبالغون في الانكار بقولهم : ﴿أَإِذا كُنَّا﴾ وصرنا في القبور ﴿عِظاماً نَخِرَةً﴾ وبالية يمكن بعثنا وإحياؤنا ؟ هيهات لا يكون ذلك أبدا. ثم ﴿قالُوا﴾ بطريق الاستهزاء بالبعث : ﴿تِلْكَ﴾ الرجعة إلى الحياة التي تدّعونها ﴿إِذاً﴾ وعلى ما تقولون ﴿كَرَّةٌ﴾ ورجعة ﴿خاسِرَةٌ﴾ ومضرّة لنا إذ كنا ننكرها ونكذّب مدّعيها.
ثمّ لمّا كانوا يستصعبونها على الله لزعمهم عجزه عنها ، بيّن سبحانه نهاية سهولتها عليه بقوله : ﴿فَإِنَّما هِيَ﴾ حاصلة لا محالة وما توجدها إلّا ﴿زَجْرَةٌ﴾ وصيحة ﴿واحِدَةٌ﴾ بأمرنا ، لا تكرّر فيها ، فيسمعها جميع الخلق في بطون الأرض وأقطارها ، كنفخ واحد في صور الناس لإقامة القافلة والعسكر ﴿فَإِذا هُمْ﴾ محيون ومبعثون ﴿بِالسَّاهِرَةِ﴾ والأرض البيضاء المستوية بعد ما كانوا أمواتا وعظاما وترابا.
﴿هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى * إِذْ ناداهُ رَبُّهُ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً * اذْهَبْ إِلى
فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى * فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلى أَنْ تَزَكَّى * وَأَهْدِيَكَ إِلى رَبِّكَ فَتَخْشى *
فَأَراهُ الْآيَةَ الْكُبْرى * فَكَذَّبَ وَعَصى * ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعى * فَحَشَرَ فَنادى *
فَقالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى * فَأَخَذَهُ اللهُ نَكالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولى * إِنَّ فِي ذلِكَ
لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشى (١٥) و (٢٦)﴾
__________________
(١- ٦) تفسير الرازي ٣١ : ٣٤.