به ﴿نَكالَ الْآخِرَةِ﴾ وعاقبة بالعقوبة الشديدة ، وهي إحراقه في القيامة بالنار ﴿وَ﴾ نكال ﴿الْأُولى﴾ والعقوبة الدنيوية ، وهي غرقه في الماء.
وقيل : إنّ المراد من الاولى قوله ﴿ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي﴾(١) ومن الآخرة قوله : ﴿أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى﴾(٢) .
عن الباقر عليهالسلام : « أنّه كان بين الكلمتين أربعون سنة » (٣) .
وعنه عليهالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : قال جبرئيل : قلت : يا رب تدع فرعون وقد قال : ﴿أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى﴾ « فقال : إنّما يقول هذا مثلك من يخاف الفوت » (٤) .
وقيل : إنّ الاولى تكذيبه موسى (٥) .
﴿إِنَّ فِي ذلِكَ﴾ الذّكر من طغيان فرعون وتعذيبه في الدنيا بغرقه في الماء وبإحراقه بالنار في الآخرة والله ﴿لَعِبْرَةً﴾ عظيمة وموعظة شافية ﴿لِمَنْ يَخْشى﴾ ربّه ويخاف عذابه.
﴿أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ بَناها * رَفَعَ سَمْكَها فَسَوَّاها * وَأَغْطَشَ لَيْلَها
وَأَخْرَجَ ضُحاها * وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها * أَخْرَجَ مِنْها ماءَها وَمَرْعاها *
وَالْجِبالَ أَرْساها * مَتاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ (٢٧) و (٣٣)﴾
ثمّ لمّا حكى سبحانه النكار المشركين للبعث وسهولته عليه تعالى ، بيّن كمال قدرته على خلق أعظم من إعادتهم وخلقهم ثاني مرّة بقوله : ﴿أَأَنْتُمْ﴾ أيّها المنكرون للبعث ﴿أَشَدُّ﴾ وأصعب ﴿خَلْقاً﴾ في زعمكم ﴿أَمِ السَّماءُ﴾ التي ﴿بَناها﴾ الله مع كمال عظمتها وقوّة تأليفها وانطوائها في البدائع التي تحار في أدناها العقول ؟ ! وقيل : إنّ التقدير أم السماء أشدّ ؟ (٦)
ثمّ ابتدأ الكلام في بيان كيفية خلقها بقوله : ﴿بَناها﴾ والمراد غاية استحكامها كاستحكام أسافل القصور والبيوت ﴿رَفَعَ سَمْكَها﴾ وعلوّها على الأرض كثيرا مسير خمسمائة عام. وقيل : إنّ المراد بالسّمك ارتفاع السطح الأعلى بين السطح الأسفل الذي يعبّر عنه بالثّخن والغلظ (٧) .
﴿فَسَوَّاها﴾ وعدلها وأقامها على وفق الحكمة والصواب ، أو سوّى تأليفها أو نفي الشّقوق عنها ﴿وَأَغْطَشَ﴾ وأظلم ﴿لَيْلَها﴾ والقطعة من الزمان التي تغيب الشمس فيها ضوء الشمس بحركتها
__________________
(١) القصص : ٢٨ / ٣٨.
(٢) مجمع البيان ١٠ : ٦٥٦ ، تفسير الرازي ٣١ : ٤٣.
(٣) الخصال : ٥٣٩ / ١١ ، مجمع البيان ١٠ : ٦٥٦ ، تفسير الصافي ٥ : ٢٨١.
(٤) مجمع البيان ١٠ : ٦٥٦ ، تفسير الصافي ٥ : ٢٨١.
(٥) تفسير الرازي ٣١ : ٤٣.
(٦) تفسير روح البيان ١٠ : ٣٢٤.
(٧) تفسير روح البيان ١٠ : ٣٢٤.