في تفسير سورة عبس
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى * وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى * أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ
الذِّكْرى * أَمَّا مَنِ اسْتَغْنى * فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى * وَما عَلَيْكَ أَلاَّ يَزَّكَّى
* وَأَمَّا مَنْ جاءَكَ يَسْعى * وَهُوَ يَخْشى * فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى (١) و (١٠)﴾
ثمّ لمّا ختمت سورة ( والنازعات ) المتضمّنة لبيان تكذيب المشركين للمعاد ، والاستدلال على إمكانه والإخبار بوقوعه ، وتهديدهم بأنّه يوم الطامة الكبرى ، وبيان حال المكذّبين بالمعاد والمؤمنين به ، نظمت سورة ( عبس ) المتضمّنة لتلك المطالب ، وتهديد المكذّبين بالصاخّة المتقارب للطامة ، فافتتحها بذكر أسمائه بقوله : ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ﴾.
ثمّ شرع سبحانه في تأديب المسلمين بتوجيه العتاب إلى عثمان بن عفّان بقوله : ﴿عَبَسَ﴾ عثمان وقبض وجهه وجمع الجلدة التي بين عينيه غضبا ﴿وَتَوَلَّى﴾ وأعرض لأجل ﴿أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى﴾ قال القمي رحمهالله : إنّها نزلت في عثمان وابن امّ مكتوم ، وكان ابن امّ مكتوم مؤذّنا لرسول الله ، وكان أعمى ، وجاء إلى رسول الله وعنده أصحابه ، وعثمان عنده ، فقدّمه رسول الله صلىاللهعليهوآله على عثمان ، فعبّس عثمان وجهه وتولّى عنه ، يعني عثمان أن جاءه الأعمى (١) .
وعن الصادق عليهالسلام نزلت في رجل من بني امية كان عند النبي صلىاللهعليهوآله فجاء ابن ام مكتوم فلما رآه تفذّر منه وجمع نفسه وعبس واعرض بوجهه عنه فحلى الله ذلك وانكره عليه (٢) .
وروى بعض العامة أن ابن امّ مكتوم ، وكان اسمه عبد الله بن شريح بن مالك من بني عامر بن لؤي (٣) .
وقيل : اسمه [ عمرو بن ] قيس بن زائدة من بني عامر بن هلال ، ابن خال خديجة ، وكان ( امّ مكتوم ) كنية جدّته (٤) . وقيل : كنية امّه (٥) ، روي إنه أتى رسول الله صلىاللهعليهوآله وهو بمكة وعنده صناديد قريش منهم عتبة
__________________
(١) تفسير القمي ٢ : ٤٠٤ ، تفسير الصافي ٥ : ٢٨٤.
(٢) مجمع البيان ١٠ : ٦٦٤ ، تفسير الصافي ٥ : ٢٨٤.
(٣) الكشاف ٤ : ٠ ؟ ؟ ٧ ، تفسير روح البيان ١٠ : ٣٣٠.
(٤و٥) تفسير روح البيان ١٠ : ٣٣٠.