قيل : إن إسرافيل يقوم على الصخرة وينادي : أيتها العظام البالية ، والأوصال المتقطّعة ، واللحوم المتمزّقة ، والشعور المتفرّقة ، إنّ الله يأمركن أن تجتمعن لفصل القضاء (١) .
وقيل : إنّ جبرئيل ينادي بالحشر (٢) . ﴿مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ﴾ من جميع الناس يسمعه كلّهم على حدّ سواء.
﴿يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ * إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ
وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ * يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِراعاً ذلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنا يَسِيرٌ *
نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَقُولُونَ وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخافُ
وَعِيدِ (٤٢) و (٤٥)﴾
ثمّ بيّن سبحانه يوم نداء المنادي بقوله : ﴿يَوْمَ﴾ يخرج جميع الناس من القبور و﴿يَسْمَعُونَ﴾ من إسرافيل ﴿الصَّيْحَةَ﴾ والنفخة الثانية في الصّور ، وهي مقرونة ومتلبّسة ﴿بِالْحَقِ﴾ والتحقّق ، أو مصحوبة باليقين والقطع ، لا بالظنّ والشكّ ، أو المراد بالصيحة بالحشر الذي هو الحقّ بقوله : يا عظام اجتمعي.
أقول : هذا التفسير لا يوافق سماع الناس تلك الصيحة.
﴿ذلِكَ﴾ اليوم الذي تسمع فيه الصيحة ﴿يَوْمُ الْخُرُوجِ﴾ من القبور والسوق إلى المحشر والحساب ، ثمّ إلى الجنّة ، أو النار.
وعن القمي ﴿يُنادِ الْمُنادِ﴾ باسم القائم واسم أبيه (٣)﴿مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ﴾ بحيث [ يصل ] نداؤه إلى الكلّ سواء ﴿يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِ﴾ قال : صيحة القائم من السماء ﴿ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ﴾(٤) .
وعنه ، عن الصادق عليهالسلام قال : « هي الرجعة » (٥) .
أقول : هذا تأويل الآية لا تفسيرها.
ثمّ قرّر سبحانه دليل البعث والنشور بقوله : ﴿إِنَّا نَحْنُ﴾ بقدرتنا الكاملة ﴿نُحْيِي﴾ الناس جميعا في الدنيا ﴿وَنُمِيتُ﴾ جميعهم فيها ﴿وَ﴾ بعد ذلك ﴿إِلَيْنَا﴾ لا إلى غيرنا ﴿الْمَصِيرُ﴾ والمرجع في الآخرة لحساب أعمالهم وجزائها ، وذلك الرجوع إلينا يكون ﴿يَوْمَ﴾ يحيا الناس في قبورهم ﴿تَشَقَّقُ
__________________
(١) تفسير روح البيان ٩ : ١٤٢.
(٢) تفسير روح البيان ٩ : ١٤٢.
(٣) تفسير القمي ٢ : ٣٢٧ ، تفسير الصافي ٥ : ٦٥ ، وفي النسخة : واسم الله.
(٤و٥) تفسير القمي ٢ : ٣٢٧ ، تفسير الصافي ٥ : ٦٥.