كتب السيئات رجاء أن يتوبوا ، أو يتداركوها بالحسنات ، أو يصعدون بأعمالهم إلى الله ، فان كانت حسنة شهدوا بها ، وإن كانت سيئة سكتوا ، وقالوا : ربّنا أنت الستّار ﴿كاتِبِينَ﴾ للأعمال ﴿يَعْلَمُونَ﴾ لحضورهم عندكم في جميع الأوقات والأحوال ﴿ما تَفْعَلُونَ﴾ من الأفعال قليلها وكثيرها خفيّها وجليها.
في الحديث : « أكرموا الكرام الكاتبين الذين لا يفارقونكم إلّا عند إحدى الحالتين : الجنابة والغائط » (١) .
وعن القمي [﴿كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ﴾ قال ] : بالنبيّ صلىاللهعليهوآله (٢) وأمير المؤمنين عليهالسلام : ﴿وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ﴾ قال : الملكان الموكلان بالانسان (٣)﴿كِراماً كاتِبِينَ﴾ يبادرون بكتابة الحسنات لكم ، ويتوانون بكتابة السيئات عليكم ، لعلّكم تتوبون وتستغفرون (٤) .
وعن الكاظم عليهالسلام قال : « إنّ العبد إذا همّ بالحسنة خرج نفسه طيب الريح ، فقال صاحب اليمين لصاحب الشمال : قف فانّه قد همّ بالحسنة ، فاذا هو عملها كان لسانه قلمه وريقه مداده فأثبتها له ، فاذا همّ بالسيئة خرج نفسه نتن الريح ، فيقول صاحب الشمال لصاحب اليمين : قف فانّه قد همّ بالسيئة ، فاذا هو فعلها كان ريقه مداده ولسانه قلمه فأثبتها عليه » (٥) .
وعن الصادق عليهالسلام أنّه سئل : ما علّة الموكلين بعباده يكتبون ما عليهم ولهم ، والله عالم السرّ وما هو أخفى ؟ قال : « استعبدهم بذلك ، وجعلهم شهودا على خلقه ، ليكون العباد لملازمتهم إيّاهم أشدّهم على طاعة الله مواظبة ، ومن معصيته أشدّ انقباضا ، وكم من عبد يهمّ بمعصيته فذكر مكانهم فارعوى وكفّ ، فيقول : ربّي يراني ، وحفظتي علي بذلك تشهد » (٦) .
﴿إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ * وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ * يَصْلَوْنَها يَوْمَ الدِّينِ * وَما
هُمْ عَنْها بِغائِبِينَ * وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ * ثُمَّ ما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ *
يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ (١٣) و (١٩)﴾
ثمّ بيّن سبحانه حسن حال المؤمنين في ذلك اليوم وسوء حال الكفّار والعصاة بقوله : ﴿إِنَّ الْأَبْرارَ﴾ والصّلحاء من المؤمنين ومطيعيهم لربّهم ﴿لَفِي نَعِيمٍ﴾ عظيم دائم لا انقطاع له ﴿وَإِنَّ الْفُجَّارَ﴾ والعتاة والعصاة ﴿لَفِي جَحِيمٍ﴾ ونار سجّرها القهّار بغضبه ﴿يَصْلَوْنَها﴾ ويقاسون حرّها
__________________
(١) تفسير روح البيان ١٠ : ٣٦٠.
(٢) في النسخة : القمي عن النبي.
(٣) تفسير القمي ٢ : ٤٠٩.
(٤) تفسير الصافي ٥ : ٢٩٦.
(٥) الكافي ٢ : ٣١٣ / ٣ ، تفسير الصافي ٥ : ٢٩٦.
(٦) الاحتجاج : ٣٤٨ ، تفسير الصافي ٥ : ٢٩٦.