في تفسير سورة المطففين
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
﴿وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ
وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ * أَلا يَظُنُّ أُولئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ * يَوْمَ يَقُومُ
النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ (١) و (٦)﴾
ثمّ لمّا ختمت سورة الانفطار المتضمّنة لبيان عظمة يوم القيامة وظهور السلطنة المطلقة الإلهية ، وأن لكلّ نفس ملائكة يكتبون أعمالها ، وأن الأبرار في نعيم ، وأن الفجّار في جحيم ، نظمت سورة التطفيف المتضمّنة لبيان عظمة يوم القيامة ، وقيام الناس فيه لربّ العالمين ، وأنّ كتاب الأبرار في علّيين ، وكتاب الفجّار في سجّين ، أنّ الأبرار في نعيم : فافتتحها بذكر الأسماء الحسنى بقوله : ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ﴾.
ثمّ لمّا هدّد سبحانه العصاة في آخر السورة السابقة ، وكان التطفيف من أعظم المعاصي ابتدأ هذه السورة بتهديد المطفّفين بقوله : ﴿وَيْلٌ﴾ وشرّ شديد ، أو هلاك فظيع ، أو عذاب أليم - وعن الباقر عليهالسلام في حديث « بلغنا - والله أعلم - أنّها بئر في جهنّم » (١) - ﴿لِلْمُطَفِّفِينَ﴾ والباخسين حقوق الناس خفية بالمكيال والميزان. عن الباقر عليهالسلام : « أنزل في الكيل والوزن ﴿وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ﴾ ولم يجعل الويل لأحد حتى يسمّيه كافرا ، قال الله : ﴿فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا*﴾ إلى آخره » (٢) .
وهم : ﴿الَّذِينَ إِذَا اكْتالُوا﴾ وأخذوا بالكيل مالهم ﴿عَلَى النَّاسِ﴾ أو إضرارا عليهم ﴿يَسْتَوْفُونَ﴾ ويأخذونه كاملا وافيا ، أو وافرا وزائدا على حقّهم بالحيل والسرقة من أفواه المكاييل أو ألسنة الموازين : ﴿وَإِذا كالُوهُمْ﴾ وأعطوا حقّهم بالكيل ﴿أَوْ وَزَنُوهُمْ﴾ وأعطو حقّهم بالوزن ﴿يُخْسِرُونَ﴾ وينقصونه ، مع أنّ الكيل والوزن جعلا لتسوية الحقوق وتعديلها.
عن ابن عباس : لمّا قدم النبي صلىاللهعليهوآله المدينة كانوا من أبخس الناس كيلا ، فأنزل الله هذه الآية ،
__________________
(١) تفسير القمي ٢ : ٤١٠ ، تفسير الصافي ٥ : ٢٩٨.
(٢) الكافي ٢ : ٢٧ / ١ ، تفسير الصافي ٥ : ٢٩٨.