قيل : إنّ الآية نزلت في ابن امّ مكتوم. وقيل : في عثمان (١) .
ثمّ بيّن غير المنتفع بقوله : ﴿وَيَتَجَنَّبُهَا﴾ ويحترز منها ولا يسمعها سماع القبول ﴿الْأَشْقَى﴾ وأقسى الناس قلبا وأعداهم للنبي صلىاللهعليهوآله ، كأبي جهل والوليد وأضرابهما ﴿الَّذِي يَصْلَى﴾ ويدخل ﴿النَّارَ الْكُبْرى﴾ والطبقة الأسفل في جهنّم ﴿ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيها﴾ فيتخلّص من العذاب ﴿وَلا يَحْيى﴾ حياة ينتفع بها.
قيل : إنّ نفس كلّ منهم [ تصير ] في حلقه ، فلا تخرج فيموت ، ولا ترجع إلى موضعها فيحيى(٢) .
قيل : إنّ ذكر كلمة ﴿ثُمَ﴾ للدلالة على أنّ هذه الحالة أشدّ وأفظع من الصلي ، فهو متراخ في مراتب الشدّة (٣) .
﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى * بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا *
وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقى * إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى * صُحُفِ إِبْراهِيمَ
وَمُوسى (١٤) و (١٩)﴾
ثمّ لمّا ذكر سبحانه حال الأشقى ، ذكر حسن حال المتّقي عن الكفر بقوله : ﴿قَدْ أَفْلَحَ﴾ وفاز بأعلى المقاصد ﴿مَنْ تَزَكَّى﴾ وتطهّر من دنس الكفر عن ابن عباس : معنى ﴿تَزَكَّى﴾ أن يقول : لا إله إلّا الله (٤) ﴿وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ﴾ وعرفه بقلبه. وعن ابن عباس : ذكر معاده ، ووقوفه بين يدي ربّه (٥)﴿فَصَلَّى﴾ قيل : مراتب أعمال الانسان ثلاثة : إزالة العقائد الفاسدة عن القلب وهي التزكية ، وإنارة القلب بنور معرفة الله وهي ذكر الربّ ، ثمّ الاشتغال بالعبادة وهو الصلاة (٦) .
وعن ابن عمر : إن المراد بالتزكّي إخراج صدقة الفطرة (٧) . وقيل : المراد بالتزكّي المضيّ إلى المصلّى ، وبالذكر أن يكبّر في الطريق حين خروجه إلى المصلّى ، وبالصلاة [ أن يصلّي صلاة ] العيد بعد ذلك مع الامام (٨) .
وعن الصادق عليهالسلام : أنّه سئل عن قول الله عزوجل : ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى﴾ قال : « من أخرج الفطرة » قيل له : ﴿وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى ؟﴾ قال : خرج إلى الجبّانة فصلّى(٩) .
وعنه عليهالسلام : قال لرجل : ما معنى قوله : ﴿وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى ؟﴾ قال : كلّما ذكر اسم ربّه قام فصلّى.
__________________
(١) تفسير الرازي ٣١ : ١٤٥.
(٢و٣) تفسير الرازي ٣١ : ١٤٦.
(٤و٥) تفسير الرازي ٣١ : ١٤٧.
(٦) تفسير الرازي ٣١ : ١٤٧ ، تفسير روح البيان ١٠ : ٤٠٩.
(٧) تفسير روح البيان ١٠ : ٤١٠.
(٨) تفسير روح البيان ١٠ : ٤١٠.
(٩) من لا يحضره الفقيه ١ : ٣٢٣ / ١٣٧٨ ، تفسير الصافي ٥ : ٣١٧.