﴿بِالْوادِ﴾ والمنفرج بين الجبلين. قيل : هو وادي القرى بالقرب من المدينة من جهة الشام (١) .
عن ابن عباس : أنّهم كانوا يجعلون من الصخور بيوتا وأحواضا وما أرادوا من الأبنية (٢) .
قيل : أول من تحت الجبال والصخور والرّخام ثمود ، وبنوا ألفا وسبعمائة مدينة كلّها من الحجارة(٣) .
﴿وَ﴾ ألم تر كيف عذّب الله ﴿فِرْعَوْنَ﴾ ملك مصر ، وكان ملقّبا بلقب ﴿ذِي الْأَوْتادِ﴾ وقيل : لكثرة جنوده وخيامهم التي يضربونها في منازلهم ويربطونها بالأوتاد (٤) .
وعن ابن عباس : أنّ فرعون إنّما سمّي ذي الأوتاد لأنّ امرأة خازنة كانت ماشطة بنت فرعون ، إذ سقط المشط من يدها فقالت : تعس من كفر بالله تعالى : فقالت ابنة فرعون : وهل لك إله غير أبي ؟ فقالت : إلهي وإله أبيك واله السماوات والأرض واحد لا شريك له. فقامت ودخلت على أبيها وهي تبكي فقال : ما يبكيك ؟ قالت : إنّ الماشطة امرأة خازنك تزعم أنّ إلهها وإلهك وإله السماوات والأرض واحد لا شريك له ، فأرسل إليها فسألها عن ذلك ، فقالت : صدقت. فقال لها : ويحك اكفري بإلهك. قالت : لا أفعل ، فمدّها بين أربعة أوتاد ، ثمّ أرسل إليها الحيات والعقارب ، وقال : اكفري بالله وإلّا عذّبتك بهذا العذاب شهرين. فقالت : لو عذّبتني سبعين شهرا ما كفرت به. وكانت لها بنتان ، فجاء بابنتها الكبرى فذبحها على فيها ، وقال لها : اكفري بإلهك وإلّا ذبحت الصغرى على فيك أيضا ، وكانت رضيعة ، فقالت : لو ذبحت من في الأرض على فيّ ما كفرت بالله. فأتى بابنتها ، فلمّا اضجعت على صدرها وأرادوا ذبحها جزعت المرأة ، فأطلق الله لسان ابنتها فتكلّمت ، وهي من الأربعة الذين تكلّموا أطفالا ، وقالت : يا امّاه لا تجزعي ، فانّ الله قد بنى لك بيتا في الجنة ، اصبري فانّك تفيضين إلى رحمة الله تعالى وكرامته. فذبحت فلم تلبث أن ماتت وأسكنها الله في جوار رحمته (٥) .
﴿الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ * فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسادَ * فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ
عَذابٍ * إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ (١١) و (١٤)﴾
ثمّ بيّن سبحانه علّة استحقاقهم العذاب بقوله : اولئك الطوائف والامم ﴿الَّذِينَ طَغَوْا﴾ على الله ﴿فِي الْبِلادِ﴾ فانّ عاد طغوا في بلاد اليمن ، وثمود في بلاد الشام ، وفرعون في بلاد مصر ﴿فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسادَ﴾ بالكفر والعصيان والظلم على العباد ﴿فَصَبَ﴾ الله وأراق ﴿عَلَيْهِمْ﴾ من فوقهم ﴿رَبُّكَ سَوْطَ عَذابٍ﴾ شديد ، وإنّما عبّر عن عذابهم بالسوط تنبيها على أنّ نسبته إلى عذاب الآخرة كنسبة
__________________
(١) تفسير روح البيان ١٠ : ٤٢٥.
(٢) تفسير الرازي ٣١ : ١٦٧.
(٣) تفسير الرازي ٣١ : ١٦٧.
(٤) تفسير روح البيان ١٠ : ٤٢٥.
(٥) تفسير روح البيان ١٠ : ٤٢٥.