وعن الصادق عليهالسلام : « يعني آدم وما ولد من الأنبياء والأوصياء وأتباعهم » (١) . [ وفي الكافي مرفوعا قال ](٢) : « أمير المؤمنين ومن ولد من الأئمة عليهمالسلام » (٣) .
﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ (٤)﴾
ثمّ ذكر سبحانه المقسم عليه بقوله : ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ﴾ حال كونه من أوّل خلقه مستغرقا ﴿فِي كَبَدٍ﴾ وتعب ومشقّة. وقيل : يعني في الشدّة ، وهي شدائد الدنيا من صعوبة ولادته ، وقطع سرّته ، وحبسه في القماط ، وإيذاء المربّي والمعلّم ، وزحمة التكسّب والتزوّج والأولاد والخدم وجمع الأموال ، وتهاجم الأوجاع والهموم والغموم ، كالابتلاء بالتكاليف الإلهية إلى غير ذلك من الشدائد (٤) .
وقيل : إنّ المراد في شدّة الخلق والقوة (٥) . وقيل : يعني في الاستواء والاستقامة (٦) .
عن الصادق عليهالسلام أنّه قيل له : إنّا نرى الدوابّ في بطون أيديها الرقعتين مثل (٧) الكيّ ، فمن أيّ شيء ذلك ؟ فقال : « ذلك موضع منخريه في بطن امّه ، وأمّا ابن آدم فرأسه منتصب في بطن امّه ، وذلك قول الله تعالى : ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ﴾ وما سوى بن آدم فرأسه في دبره ، ويداه بين يديه»(٨).
وعن ابن عباس ، قال : ﴿فِي كَبَدٍ﴾ أي قائما منتصبا ، والحيوانات الاخر تمشي منكسة ، فهذا امتنان عليه بهذه الخلقة (٩) .
ثمّ لا يخفى أنّ في الآية بناء على التفسير الأول تسلية النبي صلىاللهعليهوآله في مكابدة الأعداء من كفّار قريش.
﴿أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ * يَقُولُ أَهْلَكْتُ مالاً لُبَداً * أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ
يَرَهُ أَحَدٌ (٥) و (٧)﴾
ثمّ ذمّ سبحانه الانسان بقوله : ﴿أَيَحْسَبُ﴾ ويتوهّم من ضعفه وابتلائه بالشدائد على التفسير الأول ، أو بالنظر إلى شدّة خلقه وقوّته على الثاني ﴿أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ﴾ بأن يجازيه على سيئاته ، أو بأن يغيّر أحواله ويمنعه عن مراداته ؟ ! بلى إنّ الله القادر على كلّ شيء قادر على تعذيبه والانتقام منه ، أو على تعجيزه ومنعه عن مراداته.
ثمّ إنّ هذا الكافر المدّعي لكمال القدرة والقوة ﴿يَقُولُ﴾ مفتخرا : إني ﴿أَهْلَكْتُ﴾ وصرفت في
__________________
(١) مجمع البيان ١٠ : ٧٤٧ ، تفسير الصافي ٥ : ٣٢٩.
(٢) في النسخة : وعن.
(٣) الكافي ١ : ٣٤٢ / ١١ ، تفسير الصافي ٥ : ٣٢٩.
(٤) تفسير روح البيان ١٠ : ٤٣٤.
(٥و٦) تفسير الرازي ٣١ : ١٨١.
(٧) في النسخة : قبل.
(٨) علل الشرائع : ٤٩٥ / ١ ، تفسير الصافي ٥ : ٣٣٠.
(٩) تفسير الرازي ٣١ : ١٨٢.