لاشتماله على الصدقة وصلة الرّحم ﴿أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ﴾ وفاقة. عن النبي صلىاللهعليهوآله في قوله : ﴿ذا مَتْرَبَةٍ﴾ « الذي مأواه المزابل » (١) وعن ابن عباس : يعني البعيد التربة ، يعني الغريب (٢) . وفي الحديث: « الساعي على الأرملة والمساكين كالساعي في سبيل الله ، وكالقائم لا يفتر ، والصائم لا يفطر » (٣) .
عن الصادق عليهالسلام : « من أطعم مؤمنا حتى يشبعه ، لم يدر أحد من خلق الله ماله من الأجر في الآخرة لا ملك مقرّب ولا نبيّ مرسل إلّا الله ربّ العالمين » ثمّ قال : « من موجبات المغفرة إطعام المسلم السّغبان » ثمّ تلا هذه الآية (٤) .
وعن الرضا عليهالسلام : أنّه إذا أكل أتى بصحفة فتوضع قرب مائدته ، فيعمد إلى أطيب الطعام بما يؤتى به فيأخذ من كلّ شيء فيضع في تلك الصّحفة ، ثمّ يأمر بها للمساكين ، ثمّ يتلو هذه الآية ، ثمّ يقول : « علم الله أنّه ليس كلّ إنسان يقدر على عتق رقبة ، فجعل لهم السبيل إلى الجنّة » (٥) .
وعن الصادق أنّه سئل عن هذه الآية فقال : « من أكرمه الله بولايتنا فقد جاز العقبة ، ونحن تلك العقبة التي من اقتحمها نجا » ثمّ قال : « الناس كلّهم عبيد النار غيرك وأصحابك فانّ الله فكّ رقابكم من النار بولايتنا أهل البيت » (٦) .
وعنه عليهالسلام : « بنا تفكّ الرقاب وبمعرفتنا ، ونحن المطعمون في يوم الجوع وهو المسغبة » (٧) .
﴿ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَواصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ * أُولئِكَ
أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ * وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا هُمْ أَصْحابُ الْمَشْأَمَةِ * عَلَيْهِمْ نارٌ
مُؤْصَدَةٌ (١٧) و (٢٠)﴾
ثمّ بيّن سبحانه شرط قبول تلك الأعمال بقوله : ﴿ثُمَّ كانَ﴾ ذلك الذي يفكّ الرقبة ويطعم اليتيم والمسكين ﴿مِنَ﴾ زمرة ﴿الَّذِينَ آمَنُوا﴾ بالله ورسله واليوم الآخر ﴿وَتَواصَوْا﴾ وأمروا أقرباءهم وأصدقاءهم ﴿بِالصَّبْرِ﴾ على طاعة الله ﴿وَتَواصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ﴾ والعطوفة بعباد الله ، أو بموجبات رحمة الله من الخيرات والصالحات. وذكر كلمة ﴿ثُمَ﴾ للدلالة على تراخي رتبة الايمان على تلك الأعمال ، ورفعة محلّه بالنسبة إليها.
﴿أُولئِكَ﴾ المتّصفون بالصفات المذكورة هم يوم القيامة ﴿أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ﴾ يعطون كتبهم بأيمانهم ، أو نسلك بهم من الطريق الأيمن إلى الجنة ، أو هم أهل اليمن والخير والسعادة ، أو القائمون
__________________
(١- ٣) تفسير روح البيان ١٠ : ٤٣٨.
(٤) الكافي ٢ : ١٦١ / ٦ ، تفسير الصافي ٥ : ٣٣١.
(٥) الكافي ٤ : ٥٢ / ١٢ ، تفسير الصافي ٥ : ٣٣١.
(٦) الكافي ١ : ٣٥٧ / ٨٨ ، تفسير الصافي ٥ : ٣٣١.
(٧) تفسير القمي ٢ : ٤٢٣ ، تفسير الصافي ٥ : ٣٢٢.