قيل : إن كلمة ( ما ) في ( ما يهجعون ) زائدة مؤكّدة للقلّة (١) . وقيل : إنّها مصدرية ، والمعنى قليلا من الليل هجوعهم ونومهم (٢) .
قيل : نزلت في شأن الأنصارن حيث كانوا يصلّون في مسجد النبي صلىاللهعليهوآله ، ثمّ يمضون إلى قبا ، وبينهما ميلان (٣) . وقيل : إنّهم كانوا لا ينامون حتى يصلّون العشاء الآخرة (٤) .
وروى بعض العامة عن الصادق عليهالسلام ، أنه قال : « من يهجع ما بين المغرب والعشاء حتى يشهد العشاء فهو منهم » (٥) .
وفي ( الكافي ) عنه عليهالسلام : « كانوا أقلّ الليالي تفوتهم لا يقومون فيها » (٦) .
وعن الباقر عليهالسلام : « كان القوم ينامون ، ولكن كلّما انقلب أحدهم قال : الحمد لله ، ولا إله إلّا الله ، والله أكبر » (٧) .
﴿وَبِالْأَسْحارِ﴾ والثّلث الآخر من الليالي ﴿هُمْ﴾ على الدوام ﴿يَسْتَغْفِرُونَ﴾ ربّهم لذنوبهم. وقيل : يعني بالأسحار يصلّون طلبا لمغفرة ذنوبهم (٨) .
في فضيلة الاستغفار في الأسحار
روي أنّ الله تعالى قال : « إنّ أحبّ أحبّائي إليّ هم الذين يستغفرون بالأسحار أولئك الذين إذا أردت بأهل الأرض شيئا ذكرتهم فصرفت بهم عنهم » (٩) .
قيل : يا رسول الله ، كيف الاستغفار ؟ قال صلىاللهعليهوآله : « قولوا : اللهمّ اغفر لنا ، وأرحمنا ، وتب علينا ، إنّك أنت التواب الرحيم » (١٠) .
﴿وَفِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ * وَفِي الْأَرْضِ آياتٌ لِلْمُوقِنِينَ * وَفِي
أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ (١٩) و (٢١)﴾
ثمّ إنّه تعالى بعد مدح المتّقين بعبادة ربّهم وتعظيمه ، وشفقتهم على أنفسهم بطلب مغفرة ذنوبهم ، مدحهم بشفقتهم على الخلق وإحسانهم إلى العباد بقوله : ﴿وَفِي أَمْوالِهِمْ﴾ التي أعطاهم الله إياها ، وخصّهم الله بها ﴿حَقٌ﴾ عظيم ونصيب وافر يوجبونه على أنفسهم ﴿لِلسَّائِلِ﴾ والفقير الذي يستعطيهم ﴿وَ﴾ الفقير ﴿الْمَحْرُومِ﴾ الذي لا يستعطيهم ، بل يتعفّف عن السؤال والطلب ، بحيث يحسبه الناس غنيا فيحرم الصدقات.
__________________
(١) تفسير الرازي ٢٨ : ٢٠١ ، تفسير روح البيان ٩ : ١٥٣.
(٢) تفسير الرازي ٢٨ : ٢٠٢ ، تفسير أبي السعود ٨ : ١٣٨.
( ٣ - ٥ ) تفسير روح البيان ٩ : ١٥٣.
(٦) الكافي ٣ : ٤٤٦ / ١٨ ، تفسير الصافي ٥ : ٦٩.
(٧) التهذيب ٢ : ٣٣٥ / ١٣٨٤ ، تفسير الصافي ٥ : ٦٩.
(٨) تفسير الرازي ٢٨ : ٢٠٥ ، تفسير روح البيان ٩ : ١٥٥.
(٩) تفسير روح البيان ٩ : ١٥٤.
(١٠) تفسير روح البيان ٩ : ١٥٤.