بَناها﴾ على غاية العظمة ونهاية الوقعة.
قيل : ذكر كلمة ﴿ما﴾ للاشارة إلى الوصفية ، والمعنى : والشيء العظيم الذي بناها (١) ، ويحتمل كون كلمة ﴿ما﴾ مصدريه ، فحلف أولا بذاتها ، وثانيا بكيفية بنائها.
﴿وَالْأَرْضِ وَما طَحاها﴾ ومن بسطها على السماء من كلّ جانب ﴿وَنَفْسٍ﴾ ناطقة متميزة من نفوس الحيوانات ﴿وَما سَوَّاها﴾ ومن عدلها بإعطائها القوى الظاهرة والباطنة ، ويحتمل كون ﴿ما﴾ مصدرية في كلتا الجملتين. وقيل : إنّ المراد بالنفس الشخص ، وتسويتها تعديلها بتكميل أعضائها (٢).
﴿فَأَلْهَمَها﴾ وعرّفها بتكميل عقلها وإرسال الرسل ﴿فُجُورَها﴾ وشرورها لتجتنبها ﴿وَتَقْواها﴾ ومحاسن أعمالها لتعمل بها.
عن الصادق عليهالسلام قال : « بيّن لها ما تأتي وما تترك » (٣) .
﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها * وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها (٩) و (١٠)﴾
ثمّ بيّن سبحانه المقسم عليه بقوله : ﴿قَدْ أَفْلَحَ﴾ وظفر بأعلى المقاصد والمطالب ﴿مَنْ زَكَّاها﴾ وطهّرها من دنس الكفر والأخلاق الرذيلة ومن رجس الذنوب والقبائح ، أو المراد أنماها بالخيرات والبركات.
عن النبي صلىاللهعليهوآله : أنّه كان إذا قرأ ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها﴾ وقف وقال : « اللهمّ آت نفس تقواها ، أنت وليها وأنت مولاها ، وزكّها أنت خير من زكّاها » (٤) .
﴿وَقَدْ خابَ﴾ وحرم من جميع الخيرات أو خسر ﴿مَنْ دَسَّاها﴾ وأدخلها في المعاصي حتّى انغمس فيها ، أو دسّ في نفسه الفجور بسبب مواظبته عليها.
عن الصادق عليهالسلام : « قد أفلح من أطاع ، وقد خاب من عصى » (٥) .
وعن أمير المؤمنين عليهالسلام : « من زكّاه ربّه » (٦) .
﴿كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْواها * إِذِ انْبَعَثَ أَشْقاها * فَقالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ ناقَةَ اللهِ
وَسُقْياها * فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوها فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاها * وَلا
__________________
(١) تفسير الرازي ٣١ : ١٩١.
(٢) تفسير الرازي ٣١ : ١٩١.
(٣) الكافي ١ : ١٢٤ / ٣ ، تفسير الصافي ٥ : ٣٣٣.
(٤) مجمع البيان ١٠ : ٧٥٥ ، تفسير الرازي ٣١ : ١٩٣.
(٥) مجمع البيان ١٠ : ٧٥٥ ، تفسير الصافي ٥ : ٣٣٤ ، وفيهما : عنهما عليهماالسلام.
(٦) تفسير القمي ٢ : ٤٢٤ ، تفسير الصافي ٥ : ٣٣٤.