لا لاعتاق أبي بكر ، فانّ الاعتاق ليس بدلا وإعطاء للغير ، بل هو تحرير وفكّ ملك.
﴿وَلَسَوْفَ يَرْضى (٢١)﴾
ثمّ وعد سبحانه الأتقى الباذل ماله في سبيل الله بالثواب المرضي مقرونا باليمين بقوله : ﴿وَلَسَوْفَ يَرْضى﴾ ذلك الاتقى بما يؤتيه الله من الثواب في الآخرة.
قيل : إنّ المعنى إلّا ابتغاء رضا ربّه ، وو الله لسوف يرضى الربّ عنه (١) . وفيه : أنّ رضا الله لا تأخير فيه ، وإنّما التأخير في الثواب الاخروي ، وهو وعد بنيل جميع ما يبتغيه ويطلبه من الثواب على أكمل الوجوه وأجملها.
قال بعض العامة : لم ينزل هذا الوعد إلّا لرسول الله صلىاللهعليهوآله في قوله : ﴿وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى﴾(٢) ولأبي بكر هاهنا (٣) . وفيه : أنّ الآيات الدالة على وعد المؤمنين عموما بثواب فيه رضاهم كثيرة ، وليس في خصوصية التعبير دلالة على فضيلة من وعده الله بأن يرضيه بثوابه إذا أدخله الجنّة بهذا التعبير على غيره من المؤمنين الذين قال في حقّهم ﴿رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ﴾(٤) بل في هذا التعبير وفي قوله : ﴿ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً﴾(٥) احتمال فضيلة خاصة ، لاحتمال كون المراد راضية ومسرورة بلقاء الله والوصول إلى مقام الرضوان ، والآية المذكورة كالنصّ في إرادته رضاءه بالثواب ودخوله في الجنّة ، مع أن ادّعاء كون نزول الآية في حقّ أبي بكر ممنوع أشدّ المنع ، حشرهم الله معه بتكلّفهم في إثبات فضيلة له مع أنّه خرط القتاد ، بل تمسّكهم بأمثاله كتمسّك الغريق المتشبّث بكلّ حشيش.
__________________
(١) تفسير روح البيان ١٠ : ٤٥٢.
(٢) الضحى : ٩٣ / ٥.
(٣) تفسير روح البيان ١٠ : ٤٥٢.
(٤) المائدة : ٥ / ١١٩.
(٥) الفجر : ٨٩ / ٢٨.