﴿وَوَجَدَكَ﴾ ورآك ﴿عائِلاً﴾ وفقيرا وعديما لا مال لك ﴿فَأَغْنى﴾ ك بتربية أبي طالب ، ثمّ بمال خديجة ، ثمّ باعانة الأنصار ، ثمّ بالغنائم.
روي أنّه صلىاللهعليهوآله دخل على خديجة وهو مضموم ، فقالت له : مالك ؟ فقال : « الزمان زمان قحط ، فان أنا بذلت المال ينفد مالك فأستحي منك ، وإن لم أبذل أخاف الله تعالى » فدعت خديجة قريشا وفيهم أبو بكر ، قال أبو بكر : فأخرجت خديجة دنانير وصبّتها حتّى بلغت مبلغا لم يقع بصري على من كان جالسا قدّامي لكثرة المال ، ثمّ قالت : اشهدوا أنّ هذا المال مال محمد ، إن شاء فرّقه ، وإن شاء أمسكه (١) .
وقيل : يعني أغني قلبه بالقناعة ، كما قال صلىاللهعليهوآله : « الغني غنى النفس » (٢) . وعن الرضا عليهالسلام : ﴿وَوَجَدَكَ عائِلاً فَأَغْنى﴾ يقول بأن جعل دعاءك مستجابا » (٣) .
وعن القمي : يعني فأغناك بالوحي ، فلا تسأل عن شيء أحدا (٤) .
وعن الرضا عليهالسلام : « ووجدك عائلا تعول أقواما بالعلم ، فأغناهم الله بك » (٥) .
﴿فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ * وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ * وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ
فَحَدِّثْ (٩) و (١١)﴾
ثمّ لمّا منّ سبحانه على رسوله بإيوائه ورعاية حاله في اليتم ، أمره بشكر تلك النعمة بقوله : ﴿فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ﴾ ولا تضجره بكلام تكسر قلبه ، وعامل معه كما عاملت معك.
﴿وَأَمَّا السَّائِلَ﴾ سواء سأل المال أو العلم أو غيرهما ﴿فَلا تَنْهَرْ﴾ ولا تستقبله بكلام يضجره.
وعن القمي رحمهالله قال : فلا تطرده (٦) ، قيل : المخاطبة للنبي صلىاللهعليهوآله والمعنى للناس (٧) .
﴿وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ﴾ من الغنى والنبوة والهداية أو الكتاب ﴿فَحَدِّثْ﴾ وأظهرها بين الناس.
عن الصادق عليهالسلام : « معناه فحدّث بما أعطاك الله وفضلك ورزقك وأحسن إليك وهداك » (٨).
وعن الحسين بن علي عليهماالسلام : « أمره أن يحدّث بما أنعم الله عليه من دينه » (٩) .
وقيل : يعني إذا وفّقك الله لرعاية حقّ اليتيم والسائل ، فحدّث بذلك التوفيق الذي هو نعمة الله عليك ليقتدي الناس بك (١٠) .
__________________
(١) تفسير الرازي ٣١ : ٢١٨. (٢) تفسير روح البيان ١٠ : ٤٥٨.
(٣) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ١ : ٢٠٠ / ١ ، تفسير الصافي ٥ : ٣٤٢. (٤) تفسير القمي ٢ : ٤٢٧ ، تفسير الصافي ٥ : ٣٤٢.
(٥) مجمع البيان ١٠ : ٧٦٧ ، تفسير الصافي ٥ : ٣٤٢. (٦) في المصدر وتفسير الصافي : أي لا تظلم.
(٧) تفسير القمي ٢ : ٤٢٧ ، تفسير الصافي ٥ : ٣٤٢. (٨) مجمع البيان ١٠ : ٧٦٨ ، تفسير الصافي ٥ : ٣٤٢.
(٩) المحاسن : ٢١٨ / ١١٥ ، تفسير الصافي ٥ : ٣٤٢. (١٠) تفسير الرازي ٣١ : ٢٢٠.