لا يرجون الخلاص منها ، لأنّ ﴿أُولئِكَ﴾ البعداء من رحمة الله ومن كلّ خير وسعادة ﴿هُمْ﴾ بالخصوص ﴿شَرُّ الْبَرِيَّةِ﴾ وأخبث الخليقة ، فاستحقّوا الخلود في النار ، وإن كان بعضهم أخبث من بعض وعذابهم أشدّ.
ثمّ مدح سبحانه المؤمنين الصالحين بقوله : ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ بالله ورسوله واليوم الآخر ﴿وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ﴾ والمرضيات عند الله ﴿أُولئِكَ﴾ المؤمنون الصالحون ﴿هُمْ﴾ بالخصوص ﴿خَيْرُ الْبَرِيَّةِ﴾ وأفضل الخليقه.
روى الصدوق عن جابر بن عبد الله ، قال : كنّا عند النبي صلىاللهعليهوآله فأقبل علي بن أبي طالب فقال النبي صلىاللهعليهوآله : « قد أتاكم أخي » ثمّ التفت إلى الكعبة فضربها بيده ، ثمّ قال : « والذي نفسي بيده ، إنّ هذا وشيعته لهم الفائزون يوم القيامة » ثمّ قال : « إنّه أولكم إيمانا معي ، وأوفاكم بعهد الله ، وأقومكم بأمر الله ، وأعدلكم في الرعية ، وأقسمكم بالسوية ، وأعظمكم عند الله مزيّة » . قال : فنزلت ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ﴾.
قال : وكان أصحاب محمد صلىاللهعليهوآله إذا أقبل علي عليهالسلام قالوا : جاء خير البرية (١) .
وعن النبي صلىاللهعليهوآله في هذه الآية أنّه التفت إلى علي عليهالسلام وقال : « هم والله أنت وشيعتك يا علي ، وميعادك وميعادهم الحوض غدا غرّا محجّلين متوّجين » (٢) .
وعن الباقر عليهالسلام قال : « هم شيعتنا أهل البيت » (٣) .
﴿جَزاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً
رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ (٨)﴾
ثمّ بيّن حسن حالهم في الآخرة بقوله : ﴿جَزاؤُهُمْ﴾ المدّخر ﴿عِنْدَ رَبِّهِمْ﴾ ومليكهم اللطيف بهم في الآخرة على إيمانهم وصالح أعمالهم ﴿جَنَّاتُ عَدْنٍ﴾ وبساتين دائمة ذات أشجار وقصور ﴿تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ﴾ الكثيرة أو الأربعة المعهودة في القرآن حال كونهم ﴿خالِدِينَ فِيها أَبَداً﴾ ومتنعّمين فيها بفنون النّعم دائما لا يخافون الخروج منها وزوال نعمها أو نقصها.
ثمّ بشّرهم سبحانه بما هو أفضل وأعظم من جميع النّعم الجسمانية بقوله : ﴿رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ﴾ فانّ الرضوان من الله أكبر واعظم من كلّ نعمة.
__________________
(١) أمالي الطوسي : ٢٥١ / ٤٤٨ ، تفسير الصافي ٥ : ٣٥٥ ، ولم نعثر عليه في أمالى الصدوق.
(٢) أمالي الطوسي : ٤٠٥ / ٩٠٩ ، تفسير الصافي ٥ : ٣٥٥ ، مجمع البيان ١٠ : ٧٩٥.
(٣) المحاسن : ١٦٩ / ١٣٩ ، تفسير الصافي ٥ : ٣٥٥.