عصى على ظهرها (١) ، ورووا عن النبي صلىاللهعليهوآله : « أنّ الأرض لتخبر يوم القيامة بكلّ عمل عمل عليها » ، ثمّ تلا هذه الآية (٢) .
ورووا عن علي عليهالسلام أنّه كان إذا فرغ بيت المال صلّى فيه ركعتين ، ويقول : « لتشهدنّ أنّي ملأتك بحقّ ، وفرّغتك بحقّ » (٣) .
ورووا أنّ عبد الرحمن بن صعصعة كان يتيما في حجر أبي سعيد الخدري ، فقال له أبو سعيد : يا بني ، إذا كنت في البوادي فارفع صوتك بالأذان ، فإنّي سمعت رسول الله يقول : « لا يسمعه جنّ ولا إنس ولا حجر ولا شجر إلّا شهد له » (٤) .
﴿بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى لَها * يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتاتاً لِيُرَوْا أَعْمالَهُمْ * فَمَنْ
يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (٥) و (٨)﴾
والحاصل أنّ الأرض تبدّل غير الأرض ، وتصير حيّة عاقلة ناطقة ، تشهد على الانسان وله بما عمل على ظهرها ، كما يشهد اليوم والليل والجوارح ، وذلك التحديث والشهادة ﴿بِأَنَّ رَبَّكَ﴾ وبسبب أنّ مليكك ﴿أَوْحى لَها﴾ وأمرها بها إرعابا للعصاة وتبشيرا للمؤمنين ﴿يَوْمَئِذٍ﴾ وحين وقوع ما ذكر ﴿يَصْدُرُ النَّاسُ﴾ ويحشرون من قبورهم إلى موقف الحساب ، ويرجعون إلى ربّهم حال كونهم ﴿أَشْتاتاً﴾ ومتفرّقين ومختلفين في الأحوال بعضهم بيض الوجوه ، وبعضهم سود الوجوه ، فزعين.
عن القمي : يحيون أشتاتا مؤمنين وكافرين ومنافقين (٥) . وقيل : أشتاتا من أقطار الأرض من كلّ ناحية (٦) ، ﴿لِيُرَوْا أَعْمالَهُمْ﴾ التي عملوها في الدنيا من خير وشرّ ، كما دلّت الأخبار على تجسّمها ، أو المراد ليروا جزاء أعمالهم أو ليروها مكتوبة في صحفهم.
﴿فَمَنْ يَعْمَلْ﴾ من الناس في الدنيا ﴿مِثْقالَ ذَرَّةٍ﴾ ومقدار نملة ، أو وزن ما يرى في شعاع الشمس عملا ﴿خَيْراً﴾ وحسنا ﴿يَرَهُ﴾ في يوم القيامة ﴿وَمَنْ يَعْمَلْ﴾ في الدنيا ﴿مِثْقالَ ذَرَّةٍ﴾ وأقلّ قليل عملا ﴿شَرًّا﴾ وسؤا ﴿يَرَهُ﴾ في ذلك اليوم.
عن ابن عباس ، في تفسير الذرّة قال : إذا وضعت راحتك على الأرض ثمّ رفعتها ، فكلّ واحد ممّا لزق بها من التراب ذرّة (٧) .
__________________
(١) تفسير الرازي ٣٢ : ٥٩ ، تفسير أبي السعود ٩ : ١٨٨ ، تفسير روح البيان ١٠ : ٤٩٣.
(٢) تفسير الرازي ٣٢ : ٥٩ ، تفسير أبي السعود ٩ : ١٨٨.
(٣) تفسير الرازي ٣٢ : ٦٠.
(٤) تفسير روح البيان ١٠ : ٤٩٣.
(٥) تفسير القمي ٢ : ٤٣٣ ، تفسير الصافي ٥ : ٣٥٨.
(٦) تفسير الرازي ٣٢ : ٦٠.
(٧) تفسير الرازي ٣٢ : ٦١ ، تفسير روح البيان ١٠ : ٤٩٤.