في تفسير سورة الهمزة
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
﴿وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (١)﴾
ثمّ لمّا ختمت سورة ﴿وَالْعَصْرِ﴾ المتضمّنة لبيان أنّ جميع الناس غائرون في الخسران لحبّهم الدنيا وتفخارهم بالأموال والأقارب ، نظمت بعدها سورة الهمزة المتضمّنة لذمّ من جمع الأموال وافتخر بها ورأى لنفسه فضلا وفخرا على غيره ، وتهديده بالخلود في جهنّم في الآخرة ، فافتتحها بذكر الأسماء الحسنى بقوله : ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ﴾.
ثمّ شرع سبحانه في ذمّ من يبالي بنفسه ويتعرّض لأعراض الناس وتعييبهم بقوله : ﴿وَيْلٌ﴾ وهلاك ، أو شرّ وقباحة ، أو جبل نار في جهنّم ، على ما روي (١)﴿لِكُلِّ هُمَزَةٍ﴾ ومغتاب للناس و﴿لُمَزَةٍ﴾ وعيّاب لهم ، كما عن ابن عباس (٢) . وفي رواية اخرى عنه : الهمزة : هم المشّاؤون بالنميمة ، المفرّقون بين الأحبّة. واللّمزة : الناعتون للناس بالعيب (٣) .
وقيل : الهمزة : هو العيّاب باليد والرأس والعين بالاشارة ، واللمزة هو العيّاب باللّسان (٤) .
وقيل : الهمزة : العيّاب بالمواجهة أو بالجهرء واللّمزة : العيّاب بظهر الغيب أو سرّا (٥) .
قيل : إنّ السورة نزلت في الأخنس بن شريق ، كان يلمز الناس ويغتابهم وخاصة رسول الله صلىاللهعليهوآله(٦) . وقيل : نزلت في الوليد بن المغيرة ، كان يغتاب النبي صلىاللهعليهوآله من ورائه ، ويطعن عليه في وجهه (٧) وقيل : نزلت في امية بن خلف (٨) ، وعلى أي تقدير لا يخصّص مورد النزول العام.
﴿الَّذِي جَمَعَ مالاً وَعَدَّدَهُ * يَحْسَبُ أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ * كَلاَّ لَيُنْبَذَنَّ فِي
الْحُطَمَةِ (٢) و (٤)﴾
__________________
(١و٢) تفسير الرازي ٣٢ : ٩١.
(٣) تفسير الرازي ٣٢ : ٩٢.
(٤) تفسير الرازي ٣٢ : ٩١ و٩٢.
(٥) تفسير الرازي ٣٢ : ٩٢.
(٦ - ٨) تفسير الرازي ٣٢ : ٩١.