وقيل : نزلت في العاص بن وائل السهمي ، وكان من صفته الجمع بين التكذيب بيوم القيامة والإتيان بالأعمال القبيحة (١) .
وقيل : في الوليد بن المغيرة (٢) .
وروي عن ابن عباس أنّها نزلت في منافق جمع بين البخل والمراءاة (٣) .
وقيل : أنّه عام لكلّ من كان مكذبا بيوم الدين (٤) .
﴿وَلا يَحُضُ﴾ ولا يحثّ نفسه أو غير ﴿عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ﴾ لغاية بخله ، وخساسة طبعه ، وقساوة قلبه ، وعدم اعتقاده بأجر وثواب على إطعامه في الآخرة.
﴿فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ * الَّذِينَ هُمْ يُراؤُنَ *
وَيَمْنَعُونَ الْماعُونَ (٤) و (٧)﴾
ثمّ ذمّ سبحانه بعض المنافقين منهم بقوله : ﴿فَوَيْلٌ﴾ وعذاب شديد ﴿لِلْمُصَلِّينَ﴾ منهم نفاقا ﴿الَّذِينَ هُمْ﴾ يأتون بصورة الصلاة ، وهم ﴿عَنْ صَلاتِهِمْ﴾ من أولها إلى آخرها ﴿ساهُونَ﴾ وغافلون ، لعدم مبالاتهم بها ، وإنّما غرضهم من إتيانها خدعة المؤمنين.
عن الصادق عليهالسلام أنّه سئل عن هذه الآية ، أهي وسوسة الشيطان ؟ فقال : « لا ، كلّ أحد يصيبه هذا ، ولكن أن يغفلها ويدع أن يصلّى في أول وقتها » (٥) .
وعن القمّي رحمهالله عنه عليهالسلام ، قال : « هو الترك لها والتواني عنها » (٦) .
وعن الكاظم عليهالسلام قال : « هو التضييع » (٧) .
وقال جمع من مفسّري العامة : معنى ساهون لا يتعهّدون أوقات صلواتهم ولا شرائطها ، ومعناه أنّه لا يبالي صلّى أم لم يصلّ (٨) . فيكون أول السورة في المكذّبين المتجاهرين ، وهذه الآية في المكذّب المنافق ، وفي تصديرها بالويل دلالة على كون المنافق أسوأ حالا من الكافر المتجاهر بالكفر.
ثمّ ذمّهم سبحانه بالرياء وغاية البخل بقوله : ﴿الَّذِينَ هُمْ يُراؤُنَ﴾ الناس ، ويرون أعمالهم ويظهرون أن لهم من الخشوع والخضوع في الصلاة ما ليس في قلوبهم ليثنوا عليهم.
__________________
(١) تفسير الرازي ٣٢ : ١١١.
(٢) مجمع البيان ١٠ : ٨٣٤ ، تفسير الرازي ٣٢ : ١١١.
(٣و٤) تفسير الرازي ٣٢ : ١١٢.
(٥) مجمع البيان ١٠ : ٨٣٤ ، تفسير الصافي ٥ : ٣٨٠.
(٦) مجمع البيان ١٠ : ٨٣٤ ، تفسير الصافي ٥ : ٣٨١.
(٧) الكافي ٣ : ٢٦٨ / ٥ ، مجمع البيان ١٠ : ٨٣٤ ، تفسير الصافي ٥ : ٣٨١.
(٨) تفسير الرازي ٣٢ : ١١٤ ، وهو قول : سعد بن أبي وقاص ومسروق والحسن ومقاتل.