المؤمنين وأولادهم في الجنّة ، وإنّ المشركين وأولادهم في النار » (١) .
عن الصادق عليهالسلام ، قال : « أطفال المؤمنين يهدون إلى آبائهم يوم القيامة » (٢) .
وعنه عليهالسلام :« قصرت الأبناء عن عمل الآباء ، فألحقوا (٣) الأبناء بالآباء لتقرّ بذلك أعينهم»(٤).
وعنه عليهالسلام قال : « إنّ الله تبارك وتعال كفّل إبراهيم وسارة أطفال المؤمنين ، يغذونهم بشجرة في الجنّة ، لها أخلاف كأخلاف البقر ، في قصر من درّة ، فاذا كان يوم القيامة البسوا وطيّبوا واهدوا إلى آبائهم ، فهم ملوك في الجنّة مع آبائهم ، وهذا قول الله : ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ ﴾ » الآية(٥) .
أقول : الظاهر أنّ الوعد لا يختصّ بالآباء المؤمنين ، بل إذا كانت الامّ مسلمة ، ولحق بها الولد في الدنيا ، لحق بها في الآخرة أيضا.
ثمّ لمّا ذكر سبحانه لحقوق الأولاد بآبائهم في درجة الجنة ، وإن لم يكن لهم إيمان حقيقي وعمل صالح ، بل إيمان تبعيّ وحكميّ ، بيّن سبحانه أنّ الايمان الحقيقي والعمل الصالح لا يطلب إلّا ممّن بلغ مبلغ الرجال بقوله تعالى : ﴿كُلُّ امْرِئٍ﴾ ورجل بالغ ﴿بِما كَسَبَ﴾ من الايمان والعمل الصالح ﴿رَهِينٌ﴾ ومحتبس عند الله ، فان أدّى ما عليه من الاحسان وصالح الأعمال فك وخلّص من الرهانة والحبس ودخل الجنة ، وكذا المرأة ، دون الصبي والصبية ، فانّهما يدخلان الجنّة بعمل الآباء والامّهات.
﴿وَأَمْدَدْناهُمْ بِفاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ * يَتَنازَعُونَ فِيها كَأْساً لا لَغْوٌ فِيها وَلا
تَأْثِيمٌ * وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ * وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى
بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ * قالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنا مُشْفِقِينَ * فَمَنَّ اللهُ عَلَيْنا وَوَقانا
عَذابَ السَّمُومِ * إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ (٢٢) و (٢٨)﴾
ثمّ لمّا ذكر سبحانه عدم تنقيص ثواب أعمال المؤمنين بالحاق أولادهم بهم ، بيّن أنّه لا يقتصر على إعطاء ثواب أعمالهم ، بل يزيدهم آنا فآنا من فضله بقوله : ﴿وَأَمْدَدْناهُمْ﴾ وزدناهم على ما ذكر من النّعم بأن نتفضّل عليهم ﴿بِفاكِهَةٍ﴾ كثيرة طيبة دائمة من ثمار الجنة ﴿وَلَحْمٍ﴾ كثير طيب ، وهما أرفع
__________________
(١) تفسير روح البيان ٩ : ١٩٣.
(٢) تفسير القمي ٢ : ٣٣٢ ، مجمع البيان ٩ : ٢٥١ ، تفسير الصافي ٥ : ٧٩.
(٣) في التوحيد ومن لا يحضره الفقيه : فألحق الله عزوجل.
(٤) التوحيد : ٣٩٤ / ٧ ، من لا يحضره الفقيه ٣ : ٣١٦ / ١٥٣٧ ، الكافي ٣ : ٢٤٩ / ٥ ، تفسير الصافي ٥ : ٧٩.
(٥) من لا يحضره الفقيه ٣ : ٣١٦ / ١٥٣٦ ، تفسير الصافي ٥ : ٧٩.